مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) قال : الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من شأني في حل ، فنزلت هذه الآية.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) قالت : هذا في المرأة تكون عند الرجل ، فلعله لا يكون بمستكثر منها ، ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة فتقول : لا تطلقني وأنت في حل من شأني. حدثني (٢) المثنى ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة ، في قوله : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) قالت : هو الرجل يكون له امرأتان : إحداهما قد كبرت ، أو هي دميمة ، وهو لا يستكثر منها فتقول : لا تطلقني وأنت في حل من شأني ، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير وجه عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة (٣) ، بنحو ما تقدم ، ولله الحمد والمنة.
قال ابن جرير (٤) : حدثنا ابن حميد وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير عن أشعث عن ابن سيرين قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب فسأله عن آية ، فكره ذلك فضربه بالدرة ، فسأله آخر عن هذه الآية (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) فقال عن مثل هذا فاسألوا ، ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها ، فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها ، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني ، حدثنا مسدد ، حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة ، قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب ، فسأله عن قول الله عزوجل (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) ، قال علي : يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها ، أو سوء خلقها ، أو قذذها فتكره فراقه ، فإن وضعت له من مهرها شيئا حل له ، وإن جعلت له من أيامها فلا حرج.
وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص ، ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل ، أربعتهم عن سماك به. وكذا فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد بن جبير والشعبي وسعيد بن جبير وعطاء وعطية العوفي ومكحول والحسن والحكم بن عتيبة وقتادة وغير واحد من السلف والأئمة ، ولا أعلم في ذلك خلافا أن المراد بهذه الآية هذا ، والله أعلم.
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٣٠٦.
(٢) إسناد آخر من رواية ابن جرير ٤ / ٣٠٦.
(٣) صحيح مسلم (تفسير حديث ١٤)
(٤) تفسير الطبري ٤ / ٣٠٥.