الطلاق» (١). ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس ، عن معروف عن محارب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر معناه مرسلا.
وقوله : (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوة أمثالهن ، فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء.
وقوله تعالى : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه ، فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع كما قاله ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد والحسن البصري والضحاك بن مزاحم ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة ، قال : نزلت هذه الآية (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) في عائشة ، يعني أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : «اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني القلب ، هذا لفظ أبي داود (٢) ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي : رواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا ، قال : وهذا أصح.
وقوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أي فإذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) أي فتبقى هذه الأخرى معلقة. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضحاك والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان : معناها لا ذات زوج ولا مطلقة. وقال أبو داود الطيالسي : أنبأنا همام عن قتادة ، عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هرير ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط» ، وهكذا رواه الإمام أحمد (٣) وأهل السنن من حديث همام بن يحيى عن قتادة به. وقال الترمذي : إنما أسنده همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة ، قال : كان يقال : ولا يعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همام.
وقوله : (وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) أي وإن أصلحتم في أموركم وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله في جميع الأحوال غفر الله لكم ما كان من ميل إلى
__________________
(١) سنن أبي داود (طلاق باب ٣) وسنن ابن ماجة (طلاق باب ١)
(٢) سنن أبي داود (نكاح باب ٣٨)
(٣) مسند أحمد ٣ / ٣٤٧.