واجب الحالة عندئذ أن يخلف عليها أمير المؤمنين عليهالسلام المهيب في أعين القوم ، والعظيم في النفوس الجامحة ، وقد عرفوه بالبأس الشديد ، والبطش الصارم ، اتِّقاء بادرة ذلك الشرِّ المترقِّب. وإلّا فأمير المؤمنين عليهالسلام لم يتخلّف عن مشهد حضره رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا تبوك (١).
وعلى هذا اتَّفق علماء السير كما قال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص ١٢.
وفي وسع الباحث أن يستنتج ما بيّناه من قوله صلىاللهعليهوآله لعليٍّ : كذبوا ولكن خلّفتك لما ورائي. فيما أخرجه ابن اسحاق بإسناده عن سعد بن ابي وقاص قال : لَمّا نزل رسول الله الجرف طعن رجال من المنافقين في إمرة عليٍّ وقالوا : إنّما خلّفه استثقالاً ، فخرج عليٌّ فحمل سلاحه حتّى أتى النبيَّ صلىاللهعليهوآله بالجرف فقال : يا رسول الله؟ ما تخلّفت عنك في غزوة قطّ قبل هذه ، قد زعم المنافقون إنك خلّفتني استثقالاً.
فقال : «كذبوا ولكن خلّفتك لما ورائي ...» الحديث (٢).
__________________
(١) الاستيعاب ٣ ص ٣٤ هامش الاصابة ، شرح التقريب ١ ص ٨٥ ، الرياض النضرة ٢ ص ١٦٣ ، الصواعق ٧٢ ، الاصابة ٢ ص ٥٠٧ ، السيرة الحلبية ٣ ص ١٤٨ ، الاسعاف ١٤٩. «المؤلف رحمهالله».
(٢) الرياض النضرة ٢ ص ١٦٢ ، الامتاع للمقريزي ٤٤٩ ، عيون الاثر ٢ ص