شرح الكلمات :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) : أي يطلبون منك تعجيل العذاب لهم.
(وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) : أي وقت محدد للعذاب لا يتقدمه ولا يتأخر عنه لجاءهم.
(وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) : فجأة من حيث لا يخطر لهم على بال.
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) : أي من كل جانب وهم فيها وذلك يوم يغشاهم.
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) : أي من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
(ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : أي ويقول لهم الجبار ذوقوا ما كنتم تعملون أي من الشرك والمعاصي.
معنى الآيات :
لقد تقدم في الآيات القريبة أن المكذّبين بالرسالة المحمدية طالبوا بالعذاب تحديا منهم للرسول صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إئتنا بالعذاب إن كنت من الصادقين في أنك نبي ورسول إلينا وفي هذه الآية يعجّب تعالى رسوله أي يحمله على أن يتعجب من حمق المشركين وطيشهم وضلالهم إذ يطالبون بالعذاب فيقول له (وَ (١) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) (٢) للعذاب أي وقت محدد له لا يتقدمه ولا يتأخره (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ). ثم أخبر تعالى رسوله مؤكدا خبره فقال (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) أي العذاب (بَغْتَةً) لا محالة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بوقت مجيئه ، ثم كرر تعالى حمل رسوله على التعجب من سخف المشركين الذين لا يطيقون لسعة عقرب ولا نهشة أفعى يطالبون بالعذاب فقال (يَسْتَعْجِلُونَكَ (٣) بِالْعَذابِ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) لا محالة كقوله (أَتى أَمْرُ اللهِ يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) أي يغطيهم ويغمرهم فيكون (مِنْ فَوْقِهِمْ (٤) وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) وجهنم محيطة بهم
__________________
(١) من بين المطالبين بالعذاب : أبوجهل ، والنضر بن الحارث إذ قالا (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب وفيهم نزل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ..).
(٢) المعنى : لو لا الأجل المعيّن لحلول العذاب بهم لجاءهم العذاب عاجلا لأنّ كفرهم يستحق تعجيل عقابهم ، ولكن الله أراد تأخيره الحكم يعلمها منها : إمهالهم ليؤمن من يؤمن منهم ، ومنها ليعلموا أن الله لا يستفزه استعجالهم ومنه إظهار رحمته بعباده وحلمه عليهم.
(٣) حكى استعجالهم العذاب بصيغة المضارع لاستحضار حال استعجالهم لإفادة التعجب منها كما في قوله تعالى : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).
(٤) (مِنْ فَوْقِهِمْ) حال مؤكدة ، إذ غشيان العذاب لا يكون إلّا من فوق ، وقوله (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) احتراس عمّا قد يوهمه الغشيان من الفوقية خاصة.