شرح الكلمات :
(وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) : أي وأهلكهم الله تعالى بتكذيبهم رسلهم.
(وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) : أي ليسبقه ويفوته فلم يتمكن منه.
(إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) : أي عليما بالأشياء كلها قديرا عليها كلها.
(بِما كَسَبُوا) : أي من الذنوب والمعاصى.
(ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) : أي ظهر الأرض من دابة أي نسمة تدب على الأرض وهي كل ذي روح.
(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي يوم القيامة.
(فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) : فيحاسبهم ويجزيهم بحسب كسبهم خيرا كان أو شرا.
معنى الآيات :
لما هدد الله تعالى المشركين بإمضاء سنته فيهم وهي تعذيب وإهلاك المكذبين إذا أصروا على التكذيب ولم يتوبوا. قال (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) أي المشركون المكذبون لرسولنا (فِي الْأَرْضِ) شمالا أو جنوبا (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كقوم صالح وقوم هود ، إنها كانت دمارا وخسارا (وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ (١) قُوَّةً) أي من هؤلاء المشركين اليوم قوة وقوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ (٢) شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) أي لم يكن ليعجز الله شيء فيفوت الله ويهرب منه ولا يقدر عليه بل إنه غالب لكل شيء وقاهر له وقوله : (إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) تقرير لقدرته وعجز كل شيء أمامه ، فإن العليم القدير لا يعجزه شيء بالاختفاء والتستر ، ولا بالمقاومة والهرب. وقوله تعالى (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) وهي الآية (٣) الأخيرة من هذا السياق (٤٥) أي ولو كان الله يؤاخذ الناس بذنوبهم فكلّ من أذنب ذنبا انتقم منه فأهلكه ما ترك على ظهر الأرض من نسمة ذات روح تدب على وجه الأرض ، ولكنه تعالى يؤخر الظالمين (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (٤) أي معين الوقت محدده إن كان في الدنيا ففي الدنيا ، وإن كان يوم القيامة ففي القيامة. وقوله
__________________
(١) الجملة في محل نصب حالية أي كان عاقبتهم الاضمحلال وكانوا أشد قوة من هؤلاء فيكون استئصال هؤلاء أقرب.
(٢) أي هبكم أنكم أقوى ممن كان قبلكم وأشد حيلة وتصرفا في الحياة فإن الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وذلك لعلمه وقدرته ، إذا فلا مهرب لكم منه إذا أراد إهلاككم.
(٣) قال ابن مسعود ، يريد جميع الحيوان مما دبّ ودرج قال قتادة وقد فعل ذلك زمن نوح عليهالسلام : قال ابن جرير هنا الناس وحدهم وهو كذلك.
(٤) قال مقاتل الأجل المسمى هو ما وعدهم في اللوح المحفوظ وقيل هو يوم القيامة ولا منافاة بين القولين إذ يوم القيامة مكتوب في اللوح المحفوظ.