ويقول الشيخ محمد عبده فى رسالة التوحيد : " فهذا القضاء الحاتم منه ـ تعالى ـ بأنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بشيء من مثل ما تحداهم به ، ليس قضاء بشريّا ، ومن الصعب بل ومن المتعذر أن يصدر عن عاقل التزام كالذى التزمه ، وشرط كالذى شرطه على نفسه ، لغلبة الظن عند من له شيء من العقل أن الأرض لا تخلو من صاحب قوة مثل قوته ، وإنما ذلك هو الله المتكلم ، والعليم الخبير ، هو الناطق على لسانه ، صلىاللهعليهوسلم ، وقد أحاط علمه بقصور جميع القوى عن تناول ما استنهضهم له وبلوغ ما حثهم عليه" (١).
والحقيقة كما يقول عفيف طبارة : " إن معجزات الرسل السابقين الدالة على صدق نبوتهم هى وقائع تنقضى ، يراها الذين عاصروا الأنبياء فيؤمنون حق الإيمان بمن جاءت على يدهم ولا يراها الذين يأتون من بعدهم ، بل تصل إليهم أخبارها فيضعف تأثيرها على الأمم التابعة ... والآن بعد أن ترقى العقل وكثرت المعارف ودخلت الشبهات على الأديان ضعف تأثير هذه المعجزات على أتباع الأديان ، أو بالأحرى ضعف الإيمان وسرى الإلحاد ، فكان الدين بحاجة إلى دلائل وبراهين على صحته غير البراهين السالفة" (٢).
لقد كان القرآن الكريم معجزة محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، ومعجزة الدين الخاتم والرسالة الخاتمة : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠].
__________________
(١) محمد عبده ، رسالة التوحيد ، ص ١٧٠ نقلا عن روح الدين الإسلامى لطبارة ، ص ٢٧
(٢) عفيف طبارة : روح الدين الإسلامى ، ص ٢٩