لن تضلّوا بعدي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
فحصر الهداية بالتمسك بهما اقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يُفيدنا أنّ عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمة ، وانّه ليس في حيّز الإمكان أن تبلغ الأمة وهي غير معصومة من الخطأ ، ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغاً يستغني به عمّن يرشدها في مواقف الحيرة.
فأئمّة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النص الأغرّ ، وهم مفسروه والواقفون على مغازيه ورموزه ، ولو كانت الأمة أو أن فيها مَن يُضاهيهم في العلم والبصيرة فضلاً عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النصّ الصريح مجازفة في القول ، لا سيّما وأنّ الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد يوم الغدير وقد ألقى صاحب الرسالة على مائة ألف أو يزيدون ، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبوي ، هنالك نعى نفسه وهو يرى أمته ـ وحقاً ما يرى ـ قاصرةً ـ ولن تزل قاصرة ـ عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.
وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لا يعترض صدور أيّ ريب ، وللعلّامة السمهودي كلامٌ حول هذا الحديث أسلفناه ص ٨٠ (١).
__________________
(١) وإليك عبارته كما حكاه عنهُ الإمام الزرقاني في شرح المواهب ٧ / ٨.