معتصمين بالنبوَّة ـ على قراءة ابن عبّاس ـ لأنَّهم تكلّموا بأُمور عالية من أنباء الغيب خطرات ، ونطقوا بالحكمة الباطنة ، فأصابوا فيما تكلّموا ، وعصموا فيما نطقوا كعمر بن الخطاب في قصّة سارية (١) وما تكلّم به من البراهين العالية.
وأخرج الحافظ أبو زرعة حديث أبي هريرة في طرح التثريب في شرح التقريب ١ ص ٨٨ بلفظ : «لقد كان فيمَن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن في أُمَّتي أحدٌ فعمر».
وأخرجه البغوي في «المصابيح» ٢ ص ٢٧٠ ، والسيوطي في «الجامع الصغير» (٢).
وقال المناوي في شرح الجامع الصغير ٤ ص ٥٠٧ : قال القرطبي : «مُحدَّثون» بفتح الدال اسم مفعول جمعٌ محدَّث بالفتح ، أي مُلهم أو صادق الظنّ ، وهو من ألقي في نفسه شيءٌ على وجه الإلهام
__________________
(١) هو سارية بن زنيم بن عبد الله ، وكان من قصته أنّ عمر رضي الله عنه أمّره على جيش وسيّره إلى فارس سنة ثلاث وعشرين ، فوقع في خاطر سيّدنا عمر وهو يخطب يوم الجمعة أنّ الجيش المذكور لاقى العدو وهم في بطن وادٍ ، وقد هموا بالهزيمة وبالقرب منهم جبل فقال في أثناء خطبته : يا سارية! الجبل الجبل ، ورفع صوته ، فألقاه الله في سمع سارية ، فانحاز بالناس إلى الجبل ، وقاتلوا العدو من جانب واحد ففتح الله عليهم ، كذا في هامش تفسير القرطبي «المؤلِّف».
(٢) الجامع الصغير ١ : ٤١١.