وليس في هذا العمل أيُّ محذور شرعي ، بل هو أمر محبَّذ ، اتّفقت عليه كلمة المسلمين الأوائل كما سيوافيك.
فالسلف الصالح وقفوا ـ بعد فتح الشام ـ على قبور الأنبياء ذات البناء الشامخ .. فتركوها على حالها من دون أن يخطر ببال أحدهم وعلى رأسهم عمر بن الخطاب بأنّ البناء على القبور أمر محرّم يجب أنْ يُهدم ، وهكذا الحال في سائر القبور المشيّدة بالأبنية في أطراف العالم.
وإنْ كنت في ريبٍ من هذا فاقرأ تواريخَهم ، وإليك نصّ ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية : إنّ المسلمين عند فتحهم فلسطين وجدوا جماعة في قبيلة «لخم» النصرانيّة يقومون على حرم إبراهيم ب «حِبْرون» (١) ولعلّهم استغلّوا ذلك ففرضوا أتاوة على حجاج هذا الحرم ... وربما يكون توصيف تميم الداري أن يكون نسبة إلى الدار أي الحرم ، وربما كان دخول هؤلاء اللخميين في الإسلام ؛ لأنّه قد مكّنهم من القيام على حرم إبراهيم الذي قدّسه المسلمون تقديسَ اليهود والنصارى من قبلهم (٢).
وجاء أيضاً في مادة «الخليل» يقول المقدسي ـ وهو أوّل من أسهب في وصف الخليل ـ : إنّ قبر ابراهيم كانت تعلوه قُبّة بُنيت في العهد الإسلامي.
ويقول مجير الدين : إنّها شُيّدت في عهد الأمويين ، وكان قبر إسحاق مغطّى بعضُه ، وقبر يعقوب قباله ، وكان المقدسي أول من أشار
__________________
(١) كلمة عبرية تعني : مدينة الخليل.
(٢) دائرة المعارف الإسلامية ٥ : ٤٨٤ مادة تميم الداري.