قد عرفت أنّ المراد من البيوت هو بيوت الأنبياء والعترة والصالحين من صحابة النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، فالآية تأذن أن تُبنى هذه البيوت بناءً حسياً وترفع من قدرها رفعاً معنوياً ، فهنا نستنتج من الآية أمرين :
١ ـ أنّ المراد من رفع البيوت ليس إنشاؤها ، لأنّ المفروض أنّها بيوت مبنيّة ، بل المراد هو صيانتها عن الاندثار ، وذلك كرامة منه سبحانه لأصحاب هذه البيوت ، فقد ترك المسلمون الأوائل بيوتاً للرسول الأكرم والعترة الطاهرة وللصالحين من صحابته وحرستها الدول الإسلامية طيلة أربعة عشر قرناً ، فعلى المسلمين قاطبة والدول الإسلاميّة عامّة بذل السعي في صيانتها عملاً بالآية المباركة ، والحيلولة دون تهديمها بحجّة توسعة المسجد النبوي أو المسجد الحرام.
ولكن من سوء الحظّ ، أو من تسامح الدول في ذلك المجال أن هُدّمت هذه البيوت ودمّرت بمعاول الوهابيين ، ومن هذه البيوت بيت الحسنين والصادقين عليهمالسلام في محلّة بني هاشم ، فلا ترى لها أثراً ، كما لا ترى من بيت أبي أيوب الأنصاري مُضيِّف النبيّ الأكرم أثراً ، ومثلها مولد النبي في مكة المكرّمة وغيرها.
فعلى المسلمين مسئولية إعادة هذه الأبنية في أماكنها عملاً بالآية ورفع قدرها مهما أمكن ، ولئن صارت الإعادة أُمنية لا تُدرَك ، ما دام السيف على هامة المسلمين في أرض الوحي والتوحيد ، لكن صيانةُ ما بقي منها في مختلف الأقطار أمرٌ ممكن.
٢ ـ أنّ قسماً من البيوت في المدينة المنوّرة مقابر ومشاهد