أحد علماء الأندلس الأكابر في الفقه والحديث ، يحكي لنا في رحلته عن الأبنية الرفيعة والقباب العالية في المشاهد والمزارات المعروفة يومذاك للأنبياء والصالحين والنبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله وأهل بيته وصحابته والتابعين لهم بإحسان.
فقد قام برحلات ثلاث ، أهمّها استغرقت أكثر من ثلاث سنوات ، حيث بدأها يوم الاثنين في التاسع عشر من شهر شوال عام ٥٧٨ ه ، وختمها في يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر محرم سنة ٥٨١ ه ، وقد وصف في هذه الرحلة ما مرّ به من مدن وما شاهد من عجائب البلدان.
كما وعنى عناية خاصة بوصف النواحي الدينية والمساجد والمشاهد وقبور الأنبياء والأولياء وأهل البيت والصحابة والتابعين ، وصفاً دقيقاً ، يعرب عن أنّ هذه القباب والأبنية الرفيعة شُيّدت من قبل قرون تتّصل إلى عصر الصحابة والتابعين.
ولم يكن يومذاك أيُّ معترض على بنائها فوق قبور هؤلاء ، ولم يدر بِخُلْدِ أحد أنّ هذه القباب والأبنية ستبعدنا عن التوحيد ، بل كانوا يتبرّكون بهذا العمل ويبدون ما في مشاعرهم من ودّ وحبّ لأصحابها.
وكان التبرّك والتقبيل سنّة رائجة بين المسلمين ، وهم لم يكونوا يقبّلون باباً ويتبرّكون بالجدار ، بل يتبرّكون بمن حوتهم ، على حدّ قول مجنون العامري :
أمرُّ على الديار ديار ليلى |
|
أُقبِّل ذا الجدار وذا الجدارا |
وما حبّ الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حبّ من سكن الديارا |