المغار ، حتى وافى (١) نيسابور ، فتقهقر عنها المنتصر إلى أسفرايين (٢) ، وجبى الخراج ، وقدّم له شمس المعالي [قابوس] (٣) خيلا وجمالا وبغالا ، وألف ألف درهم ، وثلاثين ألف دينار ، مدارة عن جرجان.
ثمّ إنّ المنتصر عاد إلى نيسابور ، فتحيّز عنها أخو محمود ، وجبى المنتصر منها الأموال ، ثم التقى هو وأخو محمود ، فكانت بينهما وقعة ملحمة هائلة ، فكانت النّصرة لصاحب الجيش نصر بن سبكتكين ، وانهزم المنتصر ، فجاء إلى جرجان ، فدفعه عنها شمس المعالي ، ثم التقى المنتصر أيضا هو والسّبكتكينيّة بظاهر سرخس ، وقتل خلق من الفريقين ، وانهزم جمع المنتصر ، وقتل جماعة من قوّاده ، فسار المنتصر يعتسف المهالك ، فانتبذ به إلى محالّ الأتراك الغزّيّة ، ولهم ميل إلى آل سامان ، فأخذتهم المذمّة من خذلانه ، وحرّكتهم الحميّة لعونه في سنة ثلاث وتسعين ، وقصدوا أيلك خان ، وحاربوه ، ثمّ خافهم المنتصر وفارقهم ، وراسل السّلطان محمود بن سبكتكين يذكّره بحقوق سلفه عليه ، فأكرم محمود رسوله ، وتماثل حال المنتصر ، وجرت له أحوال وأمور وحروب عديدة.
وكان موصوفا بالدّهاء والشّجاعة المفرطة ، ثم قام معه فتيان أهل سمرقند ، وتراجع أمره ، فسمع الخان باحتداد شوكته واشتداد وطأته ، فزحف (٤) إليه في شعبان سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وانكسر الخان أيلك ، ثم جمع وحشد وكرّ لطلب الثّأر ، فالتقوا ، فخامر خمسة آلاف من جيش المنتصر ، وانحازوا إلى أيلك ، فاضطرّ المنتصر إلى الانهزام ، واستمرّ القتل بجيشه ، وبقي المنتصر أينما قصد ، شهرت عليه السّيوف وكثر أضداده ، ودلف إليه صاحب الجيش ابن سبكتين ، وولّى سرخس ، وولّى طوس. وحثّوا الظّهر في
__________________
(١) في الأصل «وأوفى».
(٢) أسفرايين : بالفتح ثم السكون ، وفتح الفاء ، وراء ، وألف ، وياء مكسورة ، وياء أخرى ساكنة ، ونون. بليدة حصينة من نواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان ، واسمها القديم «مهرجان». (معجم البلدان ١ / ١٧٧).
(٣) إضافة على الأصل من الكامل ٩ / ١٥٧ للتوضيح.
(٤) في الأصل «فرجف».