نفسه تحقق (١) فذلك محال. لأنه لا بد من الاعتراف بتحقق اللاأولية ، إما في وجود العالم أو في عدمه.
واعلم أن الحق أنه لا بد من الاعتراف بتحقق اللاأولية إما في الوجود (٢) أو في عدمها. إلا أن الحق أن تصوره من حيث إنه هو ، أعلى شأنا من العقول البشرية ، والأفكار الإنسانية (٣).
ولنختم هذا الفصل بذكر تمثيلات ذكرها الناس لتقريب ماهية المدة والزمان من الأفهام. وهي أربعة :
فالأول : قالوا : النقطة إذا امتدت ، فعلت بحركتها الخط ، وكذلك الآنات التي لا تنقسم إذا امتدت وسالت ، فعلت بامتدادها وسيلانها : الزمان. وهذا التشبيه فيه بعض الصعوبة ، لأن حركة النقطة على السطح أمر مشاهد. وأما حركة الآن فغير معقولة. لأن الآن ليس موجودا مشارا إليه بحسب الحس ، بل هو أمر معقول. فكيف يعقل كونه متحركا؟ وبتقدير أن يتحرك ، فعلى أي شيء يتحرك؟ أعلى [جرم من أجرام (٤)] الأفلاك أم على العناصر؟ فهذا أمر [غير (٥)] معلوم التصور.
واعلم أن هذا الكلام لا يليق بقول أصحاب أرسطاطاليس ، لأن ذلك يقتضي حصول الزمان من الآنات المتتالية وهم لا يقبلون به (٦). وأيضا فيرجع البحث الأول وهو أن الآن كيف تحرك مع أنه ليس من الموجودات ذوات الوضع والإشارة؟ وعلى أي شيء؟ أعلى الأفلاك أم على العناصر؟
الوجه الثالث : شبهوا ذلك بخيط ألقي على طرف حد السيف ، ثم جر
__________________
(١) إذا لم يكن له في نفسه تحقق لمسمى نفى الأولية تحقق في نفسه وذلك محال (س ، ط).
(٢) وجود الأشياء أو في عدمها (ت ، م).
(٣) سقط (ط ، س).
(٤) الآن (م ، س).
(٥) سقط (م).
(٦) لا يقبلون هذا القول (م).