والجواب : الأعراض عندنا على قسمين : منها ما يجري مجرى المعلول لذات الجسم ، ومنها ما لا يكون كذلك.
أما القسم الأول : فهو كالحصول في الحيز. فإن ماهية الجسم تقتضي كونها حاصلة في الحيز ، فلا جرم يمتنع خلو ذات الجسم عن الحصول في الحيز. ثم إن كان ذلك الحصول حاصلا عقيب [حصول (١)] آخر ، فهو الحركة. وإن لم يكن كذلك فهو السكون. وفي الحقيقة : يرجع حاصل القول في الحركة والسكون إلى الحصول في الحيز ، لكنا بينا أن الحصول في الحيز كالمعلول لماهية الجسم ، وكالموجب عنها ، فلا جرم [قلنا : إنه (٢)] يمتنع خلو ذات الجسم عن الحركة والسكون ، وأما سائر الأغراض فهي كالألوان والطعوم والروائح [وغيرها (٣)] وعندنا يجوز خلو الجسم عنها.
إذا ثبت هذا فنقول : لا شك أن الجسم مفتقر إلى الحيز ، فيمتنع [كون الجسم (٤)] علة لحصول الحيز [وأيضا : الحيز (٥)] يمتنع كونه علة لوجود الجسم. وإذا ثبت هذا ظهر أنه ليس واحد منهما علة لحصول الآخر ، فلما ثبت أن الجسم محتاج إلى الحيز ، وجب كون الحيز غنيا عن الجسم ، فوجب جواز حصول الحيز ، خاليا عن الجسم. وهذا بخلاف الجسم مع الحصول في الحيز فإنا بينا : أن ماهية الجسم علة للحصول في الحيز ، فظهر الفرق. وأما سائر الأعراض فقد ذكرنا أنه لا يمتنع خلو الجسم عنها بأسرها. فقد زال النقض.
الحجة الثانية على صحة القول بالخلاء : أنه لو امتنع الحيز عن المتمكن ، لكان [إمساك (٦)] الحاصل ، أسهل من تحصيل المفقود ، فكان يلزم أن لا يمكن الحيز (٧) من خروج المتمكن منه ، فكان يلزم أن يمتنع على الجسم أن يتحرك عن مكانه ، وحيث لم يمتنع، علمنا أن ذلك لأجل أن ذات الحيز ممكن
__________________
(١) الحصول في حيز (م).
(٥) سقط (م).
(٢) من (س).
(٦) سقط (ط).
(٣) سقط (م).
(٧) المكان (ت ، م).
(٤) كونه (س).