وأما قوله ثانيا : لعل عند غرز هذه المسلة ، خرج بعض أجزاء الهواء من مسام الزق.
فجوابه : أن تلك الأجزاء لما لم تخرج عند المبالغة الشديدة في النفخ ، وجب أن لا تخرج أيضا عند هذا الغرز ، إلا عند القوة الشديدة في هذا الغرز.
ومعلوم أن هذا الغرز مما لا يحتاج إلى هذه القوة الشديدة. فصار هذا الاحتمال مدفوعا.
وأما قوله ثالثا : إن الهواء المحصور في داخل الزق المنفوخ ، لعله يصير متكاثفا منقبضا. فجوابه : أن القول بالتكاثف والتخلخل (١) باطل على ما قررناه في باب الحركة [والله أعلم (٢)].
الحجة السادسة : إن القارورة قد تمص ، ثم تكب على الماء ، فيتصاعد الماء إليها ، ولو كانت بعد المص مملوءة كما كانت قبل ذلك المص ، لوجب أن لا يتصاعد الماء إليها بعد المص ، كما لا يتصاعد الماء إليها قبل المص. فإن قالوا : إن بسبب المص خرج بعض ما كان في القارورة من الهواء ، ثم ازداد حجم البقية ازديادا امتلأت القارورة منه ، إلا أن ذلك الازدياد كان قسريا ، حاصلا بسبب المص ، فلما كبت القارورة على الماء ، زال القاسر فعاد ذلك الهواء إلى مقداره الطبيعي ، الذي كان حاصلا أولا فتصاعد الماء إلى داخل القارورة ، لأجل ضرورة الخلاء.
قلنا (٣) هذا باطل من وجوه :
الأول : إن القول بالتخلخل والتكاثف باطل محال على ما قررناه (٤).
والثاني : [هب (٥)] أن ذلك ممكن إلا أنا نقول : إن عند حصول هذا
__________________
(١) والانقباض (م ، ت).
(٢) سقط (م).
(٣) والجواب (م ، ت).
(٤) سبق تقريره (م ، ت).
(٥) سقط (س).