قرارها ، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها. يستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته ، وبعجزها على قدرته ، وبفطورها على قدمه ، وبزوالها على بقائه. فلا إليه حد منسوب ، ولا له مثل مضروب ، ولا شيء عنه محجوب. تعالى عن ضرب الأمثال ، وصفات المخلوقات ، علوا كبيرا».
[قال (١) مولانا الداعي إلى اللّه ، رحمة اللّه عليه] : يا إله العالمين. إنك ذكرت في كتابك الكريم :(قُلْ : لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؟ قُلْ : لِلَّه) (٢) فيثبت بهذا البرهان الباهر ، والدليل القاهر : أن المكان والمكانيات منقادة لك بالخضوع والخنوع ، معترفة لك بالفقر والخشوع ، منادية على أنفسها بالذل والصغار والعجز والافتقار. ثم قلت :(وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٣) فأظهرت بهذا السر المكتوم ، والأصل المعلوم : أن الزمان والزمانيات [تحت خلقك وتقديرك وإبداعك وتدبيرك. فالمكان والمكانيات والزمان والزمانيات (٤)] كلها ناطقة بشواهد مجدك وعظمتك ، معترفة بوجوب وجودك وقدمك. فالزمان بحركته دل على أنك منزه عن الحركات ، والمكان بسكونه اعترف بأنك متعالي عن السكنات ، فتعاليت في كنه أزلك عن لواحق الأضداد ، وعلائق الأنداد. لأنك فرد لا كالأفراد ، وواحد لا كالآحاد ، ومتعالي عن علائق عالم الكون والفساد. يا سابق الفوت ، ويا سامع كل صوت ، ويا محيي العظام الرميمة بعد الموت. أسألك بحق وجوب وجودك ، وكمال جودك : أن لا تجعلني من جنات رحمتك من المحرومين والمردودين ، وأن تفيض على جسدي وروحي قطرة من قطرات فيض فضلك. يا أرحم الراحمين ، ويا أكرم الأكرمين [والحمد للّه رب العالمين. وصلوات اللّه على سيدنا محمد النبي ، وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين (٥)].
__________________
(١) ويقول العبد الضعيف ، مصنف هذا الكتاب : محمد الرازي ـ غفر اللّه له (ط ، س).
(٢) الأنعام ١٢.
(٣) الأنعام ١٣.
(٤) سقط (م ، ت).
(٥) من (م ، ت).