له في ذاته ، ولا في وجوده ، لا بالفلك ولا بالحركة ، وإنما الفلك بحركته يقدر أجزاؤه كما أن الفنجانة تقدر بسبب أحوالها المختلفة أجزاء الليل والنهار. ثم قالوا : هذا الجوهر القائم بالنفس ، إن حصل فيه شيء من الحركات ، ويقدر امتداد دوامه بسبب تلك الحركات سمي زمانا ، وأما إن خلى عن مقارنة الحركات ولم يحصل فيه شيء من التغيرات فهو المسمى بالدهر والأزل والسرمد.
فهذا تفصيل مذاهب الناس في هذا الباب.
ولنتكلم الآن في أن الزمان هل يعقل أن يكون مقدارا للحركة الفلكية كما هو قول «أرسطاطاليس» وأتباعه؟.
فنقول : هذا المذهب عندنا باطل. ويدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : إن الحركة الفلكية الأولى ، لما افتقرت إلى الزمان. فذلك الافتقار إما أن يكون لا لأجل كونها حركة ، وإما أن يكون لأجل كونها حركة ، [والقسمان باطلان ، فبطل القول بكون الزمان مقدارا للحركة. وإنما قلنا : (١) إن] القسم الأول باطل ، لأن الحركة من حيث إنها حركة عبارة عن الانتقال من حال إلى حال [آخر (٢)] وإذا كان كذلك فالحركة من حيث إنها حركة لا تقرر ماهيتها ، ولا تحصل حقيقتها ، إلا عند حصول تعاقب القبليات والبعديات. وهذا المعنى لا يحصل إلا بسبب الزمان [فثبت أن الحركة (٣)] من حيث هي حركة مفتقرة إلى الزمان ، وإذا ثبت هذا ، فحينئذ لم يكن حصول الزمان لبعض الحركات ابتداء ، وللباقي بالتبعية ، أولى من العكس. لأن جهة الاقتضاء لما لم تكن إلا [مجرد (٤)] كونها حركة ثم إن هذا المعنى أمر مشترك فيه بين الكل على السوية ، كانت جهة الاقتضاء ، حاصلة في الكل على السوية ،
__________________
(١) من (ط) ، (س).
(٢) سقط (ط) ، (س).
(٣) سقط (م) ، (ت).
(٤) من (ط) ، (س).