ثم تعرض لها نسب وإضافات إلى الحركات ، فيعرض لها بسبب تلك النسب والإضافات قبولها للمساواة والمفاوتة. وهذا القدر لا يوجب كون الزمان كما بالذات ، ولا يقضي عليه بكونه سببا لا في ذاته ، منقضيا بحسب أجزاء ماهيته. والذي يحقق هذا الكلام تجسّم مادة هذا الخيال. فإنا نعلم بالضرورة أن دوام ذات الله تعالى ألف سنة ، أطول من دوام [ذاته (١)] مائة سنة ، ومن أنكر ذلك لم يلتفت إليه. فثبت : أن دوام ذاته قابل للمساواة [واللامساواة (٢)] لا يلزم منه كون ذاته [جسما (٣)] متحركا (٤). فكذا هاهنا.
الحجة الثالثة لهم : قالوا : الدليل على أن الزمان من لواحق الحركة : أنه كلما كان الشعور بالحركة أتم ، كان الشعور بالزمان أتم. ولهذا السبب فإن المغتم بمرور الزمان قد يستطيله ، والمستغرق بالطرب قد يستقصره. لأجل أن الأول شاعر بالحركات ، والثاني غافل عنها. وأما في حق النائم فهو مثل ما بما يذكر في قصة أصحاب الكهف ، فإنه لما لم يكن لهم شعور بالحركة ، لا جرم لم يكن لهم شعور بالزمان.
فالجواب : إن النائم إنما لم يشعر بالزمان ، لأن النوم مانع من الشعور مطلقا ، لا لما قالوه من أن عدم شعوره بالحركة ، اقتضى عدم شعوره بالزمان. ثم نقول : هذا بالعكس أولى، فإنا بينا : أن الأعمى الجالس في البيت المظلم الذي لا يحس بشيء من الحركات ، فإنه يكون شاعرا بمرور المدة والزمان.
__________________
(١) من (ط) ، (س).
(٢) ومن نازع فيه (س).
(٣) والمفاوتة (س).
(٤) سقط (ط ، س).