متصلا بوجوده ، فقد تتالى هذان الآنان (١) ثم الكلام في الآن الثاني ، كما في الأول ، وهذا يوجب القطع بتتالي الآنات ، وهو المطلوب.
فإن قيل : قولكم عدم الآن ، إما أن يقع دفعة ، أو على التدريج. قلنا : هاهنا قسم ثالث وهو أن يقع عدم الآن في جميع الزمان الذي بعده. لا يقال : ليس كلامنا في عدم الآن ، بل كلامنا في أول عدمه ، ومن المعلوم أن أول عدمه لا يحصل في جميع الزمان الذي بعده ، فإن أول عدمه لا يكون حاصلا في جميع الزمان الذي بعده ولما بطل هذا القسم ثبت أن أول عدمه ، إما أن يحصل دفعة ، وإما أن يحصل على التدريج ، وحينئذ يعود الكلام المذكور. لأنا نقول : ما المراد بأول عدم الآن؟ إن أردتم به أن لعدمه أولا ، فهذا مسلم. لكن لم لا يجوز أن يقال : إن أول عدمه هو وجوده ، فحصول ذلك الآن وثبوته هو بعينه أول الزمان عدمه ، وعلى هذا التقدير لا يلزم تتالي الآنات. وإن أردتم به أن لعدمه أولا يكون هو فيه معدوما [فهذا ممنوع. فما الدليل على أن لعدمه أولا ، هو فيه معدوما؟] (٢) وذلك [باطل (٣)] لأن هذا الكلام إنما يصح على القول بتتالي الآنات ، فلو أثبتنا تتالي الآنات بناء على هذه المقدمة ، لزم الدور ، وأنه باطل. فهذا أقصى ما يمكن إيراده من السؤال على الحجة [التي ذكرناها على إثبات تتالي الآنات (٤)].
والجواب : إنا ندعى أن عدم الآن ، لا بد وأن يحصل له [أول يكون ذلك الآن معدوما فيه والدليل عليه : أن هذا الآن كان موجودا ثم صار معدوما. فعدمه حدث بعد أن لم يكن (٥)] فهذا العدم له أول لا محالة ، وذلك العدم يكون حاصلا في ذلك الأول لا محالة. وإلا فهو بعد لم يتبدل من الوجود إلى العدم. لكنا فرضنا أنه حصل هذا التبدل ، فيثبت أن الآن الموجود إذا عدم فلا بد وأن
__________________
(١) الآن (م).
(٢) سقط (ط) ، (س).
(٣) سقط (م).
(٤) سقط (ط) ، (س).
(٥) من (س ، ط).