الفصل العاشر
في
أن الزمان محدث أو قديم
اتفق جمهور الفلاسفة على قدم الدهر والمدة. واتفق المتكلمون على حدوثه. أما الأولون فهم فريقان : منهم من زعم أن العلم الضروري حاصل بأنه لا يقبل العدم البتة ، ولا يتمكن العقل من تصور رفعه وعدمه. ومنهم من أثبت قدمه بالحجة والدليل.
أما الطائفة الأولى : فقالوا : إنما قلنا : إن العلم الضروري حاصل بامتناع عدمه [وارتفاعه (١)] لوجوه :
الأول : إنا متى اعتقدنا أنه كان معدوما ثم حدث ، فلا بد وأن نعتقد عدما مستمرا من الأزل إلى وقت حدوثه ، وتعقل الدوام والاستمرار لا يمكن إلا عند إثبات مدة مستمرة ، لأنه لا معنى لذات المدة إلا ذلك الدوام السيال المتحرك (٢) فيثبت : أنه لا يمكن تصور عدمه إلا مع فرض وجوده ، وما كان كذلك ، كان عدمه ممتنعا في العقول لذاته.
الثاني : إنا متى تصورنا أنه كان معدوما. فقد تصورنا أن عدمه سابق على وجوده ، وذلك السبق لا معنى له إلا المدة والزمان. فيثبت : أن العقل لا يتمكن من تصور عدمه.
__________________
(١) سقط (ط ، س).
(٢) المستمر (م ، ت).