(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (١١٤).
وكل ما قلناه بشأن الآيات السابقة يصحّ بشأن هذه الآية.
٣ ـ في سورة الشعراء سلسلة طويلة من قصص الأنبياء ، وكل من هود وصالح ولوط وصفوا بصفة أخيهم إلا شعيبا فإن هذه الصفة لم تلحق به في حين أنها ألحقت به في فصول سور أخرى (١). فهذا يلهم بقوة أن الفصول القرآنية دونت كما أنزلت على قلب النبي ولم يكن فيها وصف الأخ لحكمة يعلمها منزل الوحي.
ومع أن بعض العلماء قالوا إن مدين التي وصف شعيب في سياق قصتها بأخيهم في سور الأعراف وهود والعنكبوت هي غير أصحاب الأيكة الذين ذكرت قصتهم سورة الشعراء فإن بعضهم قال إنهم واحد. ويلاحظ أولا بأن الكلام عن أصحاب الأيكة مماثل للكلام عن أصحاب مدين. وثانيا أنه لم يجمع في آية واحدة بين الفريقين (٢). وهاتان الملاحظتان تسوغان الترجيح إن لم نقل الجزم بأنهما واحد وتجعلان ما استدللنا عليه في هذه النبذة في محله.
٤ ـ ومن هذا الباب الآية التي ذكر فيها إسماعيل واليسع وذو الكفل في سورة ص [٤٨] فكل الأنبياء الذين ذكروا في الآيات المتقدمة أي داود وسليمان وأيوب وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وصفوا بعبد الله وبعباد الله إلا الأنبياء الثلاثة الذين ذكروا في الآية [٤٨] فهذا يلهم بقوة أيضا أن الفصول دونت فورا كما أنزلت على قلب النبي ولم يكن فيها وصف عبادنا للأنبياء الثلاثة لحكمة يعلمها منزل الوحي كذلك.
٥ ـ ويسلك في هذا الباب أيضا آيات متشابهة الألفاظ فيها تقديم أو تأخير كلمة فحسب مثل آية المؤمنون [٨٣](لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) في
__________________
(١) اقرأ آيات الأعراف : [٨٥ ـ ٩٣] ، وهود : [٨٤ ـ ٩٥] ، والعنكبوت : [٣٦ ـ ٣٧] ، مثلا.
(٢) اقرأ مثلا آيات سورة ق : [١٣ ـ ١٤] ، وص : [١٢ ـ ١٣] ، والتوبة : [٧٠] ، والحج : [٤٣ ـ ٤٤].