الاستنكار والوصف تجب عليهم الكفارة قبل معاشرة أزواجهم لأنهم يكونون قد أتوا بعمل عده القرآن منكرا وزورا. وطبيعي أن الحكم الإسلامي صار حكما ملزما لكل مظاهر وأن العفو عن المظاهر ظل خاصا بمن ظاهر قبل نزول الآية الأولى وهي حالة خصوصية الزمن لا تتكرر. ولقد احتوت السورة نفسها نفس الحروف في الآية [٨] التي جاء فيها (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [المجادلة : ٨] حيث يأتي المعنى فيها واضحا بأن العودة هي لما نهي عنه وأن الوعيد هو للعائدين إلى التناجي بعد النهي عنه ، ولا فرق بين الجملتين كما هو ظاهر.
وهناك أمثلة كثيرة أخرى بالنسبة لآيات واردة في السور الطويلة والمتوسطة مما نبهنا عليه في سياق التفسير. فبينما تكون المجموعة أو الفصل القرآني مفهوما سائغا يبدو عليه الانسجام والترابط التامان سبكا وموضوعا إذا قرىء ونظر فيه ككل اضطرب على الناظر في القرآن فهمه وقامت في ذهنه بلبلة أو مشكلة أو حيرة في مداه ومدلوله إذا أخذه آية آية أو عبارة عبارة.
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام أن هناك روايات كثيرة تورد كأسباب لنزول آيات منفردة أو جزء من آية في حين أن سياق الآية ومفهومها لا يتفقان مع الرواية كسبب للنزول ، ويلهمان أن الآية منسجمة الأجزاء ، وأنها متصلة اتصالا وثيقا بما قبلها أو بعدها في السياق ، وكل ما يمكن فرضه في أمر الرواية في حالة صحتها أن تكون الآية أوردت على سبيل الاستشهاد على حادث ما وقع بعد نزولها ، أو يكون الحادث قد وقع قبل نزولها بمدة ما فجاءت الإشارة إليه في السياق العام الذي أتت فيه الآية على سبيل التشريع أو التذكير أو التنديد أو التنبيه أو العظة إلخ ، فالتبس الأمر على الراوي وظنّ أن الحادث هو سبب النزول.
فقد روي مثلا عن ابن مسعود قوله : لما أمرنا بالصدقة كنّا نتحامل فجاء أبو عقيل بنصف صاع وجاء إنسان بأكثر منه فقال المنافقون إن الله لغني عن صدقة ذلك