ولقد روى الترمذي وصاحباه حديثا عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم فيه معظم ما جاء في هذا الحديث وهذا نصّه : «أمّني جبريل عليهالسلام عند البيت مرّتين ، فصلّى الظهر في الأولى منهما حينما كان الفيء مثل الشّراك ، ثم صلّى العصر حين كان ظلّ كلّ شيء مثله ثم صلّى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ، ثم صلّى العشاء حين غاب الشّفق ، ثم صلّى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلّى المرّة الثانية الظهر حين كان ظلّ كلّ شيء مثله لوقت العصر بالأمس ، ثم صلّى العصر حين كان ظلّ كلّ شيء مثليه. ثم صلّى المغرب لوقته الأول ، ثم صلّى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ، ثم صلّى الصبح حين أسفرت الأرض ، ثمّ التفت إليّ جبريل فقال : يا محمّد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين» (١).
ولقد روى الخمسة إلّا الترمذي عن أبي مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «نزل جبريل فأمّني فصلّيت معه ثم صلّيت معه ثمّ صلّيت معه ثمّ صلّيت معه ثمّ صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات. زاد في رواية ثمّ قال بهذا أمرت» (٢).
وليس في هذه الأحاديث تعيين لوقت هذا التعليم والإمامة. ولكن ورود الإشارة إلى صلاة النبي صلىاللهعليهوسلم في هذه السورة التي هي من أبكر ما نزل من القرآن قد يدل على أن ذلك كان عقب نزول أول وحي على النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد يؤيد هذا ما جاء في حديث ابن اسحق الأول من مجيء النبي صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك إلى بيته وتعليمه ما علمه إياه الملك لخديجة رضي الله عنها التي كانت أول من آمن به ، والتي لم يكن بعد على ما هو محتمل مؤمنا به غيرها. وقد يؤيد ذلك أيضا أن الإشارة إلى الصلاة والدعوة إليها وخبر ممارستها قد ذكرت في سور أخرى مبكرة جدا في النزول مثل سور المزمل والمدثر والأعلى والشرح والكوثر. هذا في حين أن البخاري ومسلم والنسائي والترمذي يروون حديثا عن أنس جاء فيه : «فرضت على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ليلة
__________________
(١) «التاج الجامع» ، ج ١ ، ص ١٢٥ و ١٢٦.
(٢) المصدر نفسه.