بعض تقاليدهم وطقوسهم مدة من الزمن ، ومنها أنهم طلبوا منه الإلمام بأصنامهم كما يفعل بالحجر الأسود ، ومنها السماح لهم بذلك. ويظهر أن النبي صلىاللهعليهوسلم خطر لباله أن يسايرهم بعض المسايرة ، فثبته الله تثبيتا ينطوي فيه التنبيه المنطوي في آيات سورة القلم والذي نوهنا به آنفا.
وفي سورة يونس هذه الآية : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥) ، وقد روى المفسرون (١) أنهم طلبوا منه قرآنا خاليا من الحملة عليهم وعلى شركائهم.
ولقد روى ابن هشام (٢) أن زعماء قريش جاءوا إلى أبي طالب متذمرين أكثر من مرة ، طالبين منه ردع ابن أخيه عن شتم آلهتهم وتسفيه عقولهم. ومما قالوه له في إحدى المرات وكان حاضرا في مجلسهم : إننا نحب أن يسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا. وفي إحدى المرات قال لعمه : أريد منهم أن يعطوني كلمة يملكون بها العرب ويدين لهم بها العجم فقالوا له : نعم وأبيك وعشر كلمات ، قال تقولون : لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه. فصفقوا وقال بعضهم لبعض : ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا.
وفي سورتي الأنعام والكهف آيات تلهم نصوصها وما رواه المفسرون في صددها (٣) أن الزعماء كانوا يقترحون عليه طرد الفقراء والمساكين من حوله إذا كان يريد منهم أن يجلسوا إليه ويستمعوا منه ويستجيبوا له ، ويتمجحون بهم لعدم استجابتهم لدعوته وهي هذه :
١ ـ (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ
__________________
(١) انظر تفسيرها في كتب تفسير البغوي وابن كثير والطبري والخازن والطبرسي ..
(٢) ابن هشام ج ١ ص ٢٨٢ ـ ٢٨٥ وج ٢ ص ٢٦ ـ ٢٨.
(٣) المصدر السابق نفسه.