ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) [٧٧] ، وفي الإصحاحات (٧ ـ ١٠) من سفر التكوين أول أسفار العهد القديم المتداولة اليوم ذكر أن الذين نجوا مع نوح هم أبناؤه سام وحام ويافث ونسوتهم وأمهم فصاروا أجداد أمم شتى نمت في آسيا وإفريقية.
وإذا صح ما انتهينا إليه إن شاء الله فيكون من تعنيهم الآيات من كون المقصود بالتعبير بالدرجة الأولى على ما نبهنا عليه قبل هم اليهود والنصارى إنما هو على ما يتبادر بسبب كونهم هم الذين كان العرب الذين أنزل القرآن في بيئتهم يعرفونهم ويتصلون بهم كأهل كتاب ، والله تعالى أعلم.
(كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧))
(١) أدبر : ولّى.
(٢) الصبح : هنا بمعنى الفجر أو النهار.
(٣) أسفر : انجلى أو انكشف.
(٤) إحدى الكبر : إحدى آيات الله الكبرى ، والمرجح أن المقصود بذلك سقر.
والآيات استمرار للآيات السابقة. وقد تضمنت ردعا بمعنى الإيعاد والزجر ، وقسما بالقمر والليل حين ينقضي ويولي والصبح حين يسفر بأن سقر التي ينذر الكفار بها حقيقة وليست وهما ، وأنها إحدى آيات الله الكبرى ، وأنها ذكرت لتكون نذيرا لجميع البشر حتى يكونوا على بينة من أمرهم فيتقدم من يشاء إلى الإيمان بالله واتباع الدعوة فينجو ، ويتأخر من يشاء عن ذلك فيهلك.
والآية الأخيرة احتوت ـ بعد أن أكدت الآيات السابقة لها حقيقة الحياة الأخروية وما سوف يلقاه الكافرون من العذاب والنار ـ تقريرا لقابلية التمييز عند الناس وقدرتهم على الاختيار ، ولكون مهمة الرسول هي الإنذار والتبليغ. وفي ذلك توكيد لما قررناه في سياق الآيات السابقة ودليل حاسم عليه.