والتسبيح هو تقديس وتنزيه وذكر لله عزوجل وثناء عليه بما هو أهله. بحيث يسوغ القول إن الأوامر القرآنية والنبوية بمواصلة تسبيح الله تعالى قد هدفت إلى جعل المسلم يديم ذكر الله في كل وقت مقدسا منزها مثنيا حامدا مستعيذا. ولا شك في أن المسلم الذي يداوم على ذلك بصدق وقلب وإيمان يظل مستشعرا بالله عزوجل مراقبا جانبه في كل ما يفعل أو يريد أن يفعل فيجعله ذلك حريصا على تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه. ويكون له بذلك وسيلة عظمى من وسائل التربية الروحية والأخلاقية والاجتماعية.
ولقد أثرت أحاديث نبوية عديدة فيها صيغ التسبيح بسبيل تعليم المسلمين وبيان لما في التسبيح من ثواب وقربى عند الله عزوجل. فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت : «كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك اللهمّ اغفر لي» (١) وما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عنها أيضا : «أنه كان يقول في ركوعه وسجوده سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح» (٢). وما رواه الترمذي وأبو داود عن عبد الله قال : «قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تمّ ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تمّ سجوده وذلك أدناه» (٣) وما رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن جويرية : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم خرج من عندها بكرة حين صلّى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال ما زلت على الحال التي فارقتك عليها قالت نعم قال لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنّ : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» (٤).
وما رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود عن أبي هريرة قال : «قال
__________________
(١) انظر التاج الجامع ، ج ١ ص ١٦٩.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) التاج ج ٥ ص ٩٢ و ٩٦.