أن يقرر أن ذلك على كل حال قد جاء في القرآن وظل ثانويا ولم يكن رئيسيا أصلا (١).
وعلاوة على هذا فإن الحثّ على الإنفاق في سبيل الله قد شغل حيزا غير يسير من القرآن وجاء بأساليب قوية نافذة.
وهذا مما يكون قرينة قوية على الهدف الذي استهدف بالجهاد وهو توطيد الأمن وحرية الدعوة ودفع البغي والعدوان وإيجاب الإنفاق عليه على المسلمين أكثر من إغرائهم بالمغانم من ورائه (٢).
أما حياة النبي الشخصية وزواجاته فإنها من جهة متسقة مع طبيعة النبي البشرية التي قررها القرآن ، ومن جهة فإن في الفصول القرآنية ما يزيل ما وقع من الوهم في مشكلاتها وما يدل على الخطأ في فهمها وروايتها. وفي آيات تخيير نساء النبي في سورة الأحزاب [٢٨ ـ ٣٤] ما فيه كل الاتساق مع عظمة خلق النبي واستغراقه في الله ومهمته العظمى وما كان يختاره من شظف العيش وضنكه في حياته البيتية الخاصة. هذا مع القول إن الأخذ والردّ في هذه الناحية ليس إلا ظاهرة من ظواهر التمحّل والهوى وضيق الأفق والنظر والتعامي عن الجوهر واللباب (٣).
__________________
(١) اقرأ مثلا الآيات التالية البقرة : [١٥٤ إلى ١٥٧ و ١٩٠ إلى ١٩٤ و ٢١٦ إلى ٢١٨] ، وآل عمران : [١٣٩ إلى ١٤٨ و ١٦٩ إلى ١٧٩ و ١٩٥] ، والنساء : [٧٢ إلى ٧٦ و ٩٤ إلى ١٠٠] ، والمائدة : [٣٣ إلى ٣٤ و ٥١ إلى ٦٦] ، والأنفال : [١ إلى ٨ و ٣٨ إلى ٤٧ و ٥٥ إلى ٧١] ، والتوبة : [١ إلى ١٦ و ٢٠ إلى ٢٢ و ٢٩ إلى ٣٥ و ٨٩ إلى ١٠٠ و ١١١ و ١١٨ إلى ١٣٢] ، والحج : [٣٩ إلى ٤١] ، والأحزاب : [١٠ إلى ١٤ و ٢٢ إلى ٢٧] ، والصف : [١٠ إلى ١٣].
(٢) اقرأ الفصل الرائع في سورة البقرة : [٢٦٠ إلى ٢٦٤] وكذلك آيات البقرة : [١٩٥ و ٢٤٥ و ٢٥٤] ، والحديد : [١٠ إلى ١١ و ١٨] مثلا.
(٣) في مختلف فصول كتابنا «سيرة الرسول» الذي صدر عام ١٣٦٨ / ١٩٤٨ شروح وبيانات وافية مؤيدة بالأسانيد القرآنية في صدد جميع ما تناوله هذا البحث وخاصة في فصول اليهود والنصارى والجهاد والتشريع في الجزء الثاني.