وافيا وخاليا من الحشو عند أول مرة ترد فيها ، والعطف على الشرح الأول في المرات التالية دون تكرار شرحها في مواطن تكررها.
وقد رأينا بالإضافة إلى هذا من المفيد وضع مقدمة أو تعريف موجز للسور قبل البدء بتفسيرها ، يتضمن وصفها ومحتوياتها وأهمّ ما امتازت به ، وما يتبادر من فحواها من صحة ترتيبها في النزول وفي المصحف ، وما في السور المكية من آيات مدنية ، وفي السور المدنية من آيات مكية حسب الروايات ، والتعليق على ذلك حسب المقتضى. وكذلك وضع عناوين للموضوعات والتعليقات الهامة التي تناولناها بالبحث والشرح والبيان ، ليسهل على من ينظر في التفسير مراجعة ما يريد منها.
ولقد رأينا أن نجعل ترتيب التفسير وفق ترتيب نزول السورة ، بحيث تكون أولى السور المفسرة الفاتحة ثم العلق ثم القلم ثم المزّمل إلى أن تنتهي السور المكّية ثم سورة البقرة فسورة الأنفال إلى أن تنتهي السور المدنية ؛ لأننا رأينا هذا يتّسق مع المنهج الذي اعتقدنا أنه الأفضل لفهم القرآن وخدمته. إذ بذلك يمكن متابعة السيرة النبوية زمنا بعد زمن ، كما يمكن متابعة أطوار التنزيل ومراحله بشكل أوضح وأدقّ ، وبهذا وذاك يندمج القارئ في جوّ نزول القرآن وجوّ ظروفه ومناسباته ومداه ، ومفهوماته ؛ وتتجلى له حكمة التنزيل.
وقد قلّبنا وجوه الرأي حول هذه الطريقة ، وتساءلنا عما إذا كان فيها مساس بقدسية المصحف المتداول ، فانتهى بنا الرأي إلى القرار عليها ؛ لأن التفسير ليس مصحفا للتلاوة من جهة ، وهو عمل فني أو علمي من جهة ثانية ، ولأن تفسير كل سورة يصح أن يكون عملا مستقلا بذاته ، لا صلة له بترتيب المصحف ، وليس من شأنه أن يمسّ قدسية ترتيبه من جهة ثالثة.
ولقد أثر عن علماء أعلام ، قدماء ومحدثين تفسيرات لوحدات وسور قرآنية ، دون وحدات وسور (١). كما أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كتب
__________________
(١) من القدماء هشام الكلبي الذي روى ابن النديم في كتاب «الفهرست» (ص ٥١) طبعة المطبعة الرحمانية ، أن له كتاب تفسير الآيات التي نزلت في أقوام بأعيانهم. ومنهم شيخ الإسلام