على المختار من حجّية خبر الثقة ـ أنّ أدلّة نصب الطرق حاكمة على مثل هذه الرواية ، كما أنّها حاكمة على مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه» ، وقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين إلّا بيقين مثله» كما لا يخفى.
قوله قدسسره : فالأخبار المخصّصة لها كلّها ... الخ (١).
أقول : مراده بالأخبار المخصّصة بحسب الظاهر ، هي السّنة القطعيّة التي اقتصر في تخصيص العمومات عليها بزعم المعترض ، فمراده بهذا التفريع أنّ هذه الأخبار المخصّصة كلّها ، وكذا كثير من عمومات السّنة القطعيّة المقتضية بعمومها لإثبات أحكام منافية لعمومات الكتاب ، كأدلة نفي الضّرر ، وسلطنة الناس على أموالهم ونحوها ، بأسرها مخالفة للكتاب ، ولكن يجب العمل بها مع مخالفتها للكتاب ، بارتكاب التخصيص في عموماته بالأخبار المخصّصة ، والجمع بينها وبين عمومات السّنة المخالفة لها بما يقتضيه المرجّحات الخارجية أو الداخلية ، لكونها قطعيّة ، فيمتنع أن يعمّها الأخبار الآمرة بطرح الأخبار المخالفة للكتاب ، فلو كانت ظنية لعمّتها تلك الأخبار.
قوله قدسسره : والثاني أنّه تعالى أمر بالتثبّت ... الخ (٢).
أقول : حاصل الاستدلال أنّه تعالى جعل موضوع وجوب التثبّت مجيء فاسق بنبإ ، ومعلوم أنّ الموضوع علّة تامّة للحكم ، فإذا جعله من آثار هذا الموضوع العرضي ومعلولاته ، يكشف ذلك عن عدم صلاحية الذات للعليّة والموضوعية ، وإلّا لكانت الذّات أولى بذلك ، وبما ذكرنا من التقريب ظهر اندفاع ما ربّما يتوهّم من أنّ ما ذكره من التعبير ينافي ما سيظهر منه ، من كونه استدلالا بمفهوم الصّفة ، مع أنّ ما
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٦٩ سطر ١١ ، ١ / ٢٤٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٧١ سطر ٧ ، ١ / ٢٥٤.