إن قلت : إنّ خبر المفيد الذي يجب تصديقه بحكم الآية ، هي الأقوال الصادرة منه في الواقع ، وكون هذا الخبر من جملتها غير معلوم ، وإنّما نلتزم به تعبّدا تصديقا للشيخ ، فهو مصداق لخبر المفيد تعبّدا ، بتصديق الشيخ بحكم الآية ، فيمتنع أن يعرضه حكمها ثانيا.
قلت : لا معنى لتصديق الشيخ والتعبّد بقوله ، إلّا لو ترتّب أثر ذلك الشيء الذي أخبر به عليه ، والمعاملة معه معاملة العلم بذلك الشيء ، وإلّا لسرى الإشكال إلى سائر الموضوعات الخارجية الثابتة بأدلّة شرعية ، فيقال إنّ نجاسة البول أو حرمة الخمر مثلا ثبتت لمصاديقها الواقعيّة ، فلا تعمّ مصاديقها التعبّدية الثابتة بخبر العادل مثلا ، وهو كما ترى.
ثمّ ، لو سلّم توقّف خبريّة خبر المفيد ـ الثابت بقول الشيخ ـ على تصديق الشيخ ، وقصور ما دلّ على وجوب تصديق العادل ، عن شمول الخبر الذي يتوقّف حصول موضوعه على ثبوت هذا الحكم ، فنقول :
قصوره إنّما هو من حيث اللفظ ، وإلّا فالمناط منقح نظير ما عرفته في دعوى السيّد الإجماع على عدم حجّية خبر الواحد ، بل لا قصور في العبارة أيضا ، لكون ما دلّ على حجّية خبر العادل قضية طبيعية غير ملحوظ فيها خصوصيات المصاديق ، فهو نظير قول القائل «إذا تكلّمت بكلام يوجع رأسي أو صدري» ، أو قال «في أثناء الصّلاة الكلام مبطل للصلاة» إلى غير ذلك من القضايا الطبيعية التي تتحقّق بنفسها مصداق للطبيعة التي تضمّنت حكمها ، فلا ينبغي الاستشكال في شمول الآية ، على تقدير دلالتها على المفهوم لقول المفيد ، الثابت بقول الشيخ ، ولكن قد يستشكل في شمولها لقول الشيخ في مثل الفرض ، نظرا إلى أنّه لا معنى للأمر بتصديق العادل إلّا التعبّد بمضمونه ، أي الالتزام بالآثار الشرعيّة المترتّبة على صدقه ، فلا يعقل ذلك إلّا فيما إذا كان للمخبر به في حدّ ذاته أثر شرعي ، وليس لقول المفيد الذي أخبر به