المصنّف قدسسره مظنون ومرجعه إلى الإجماع على حجّية الظّن ، وهو لا يجدي ما لم يكن قطعيا.
وامّا العقل فهو مستقلّ بوجوب الاحتياط في المشكوكات ، بعد فرض عدم استلزامه الحرج ، والظّن بكون المرجع فيها إلى البراءة مرجعه ـ كما نبّه عليه المصنّف قدسسره ـ إلى الظّن بأنّ الشارع اقتصر في مقام الامتثال على الامتثال الظنّي ، وهو غير مجد ما لم ينته إلى حدّ العلم ، وبهذا ظهر وجه اقتصار المصنّف قدسسره في الجواب على ما ذكره ، وإن كانت عبارته غير خالية عن شوب الإجمال ، فتدبّر.
قوله قدسسره : ويحصل ممّا ذكر إشكال آخر ... الخ (١).
أقول : لقائل أن يقول بعد منع طرو الإجمال على الظواهر لا مخلص عن هذا الإشكال ، ولو على القول باقتضاء دليل الانسداد حجّية الظّن ، لأنّه لا يقتضي إلّا حجّيته فيما انسدّ فيه باب العلم والظّن الخاصّ ، والمفروض خلافه ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : وبالاصول المثبتة للتكليف من الاحتياط والاستصحاب ، مستلزم للحرج (٢).
أقول : فعلى هذا لا يجب الرجوع إلى تلك الاصول ، ولو على القول بأنّ العلم الإجمالي بالخلاف لا يمنع عن الرجوع إلى الاصول المثبتة للتكليف ، حيث لا يترتّب على اعمالها في مجاريها إلّا مخالفة التزامية ، وهي غير قادحة في حجّيتها.
ولكن قد يتوهّم : إنّ دعوى استلزام العمل بتلك الاصول الحرج مجازفة ، كيف وهو ممّا لا بدّ منه على كلّ تقدير ، إذ لا يقول أحد بجواز مخالفة الاحتياط عند الشّك
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٢٦ سطر ٨ ، ١ / ٤٢٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ١٢٦ سطر ٢٤ ، ١ / ٤٢٩.