في المكلّف به أو في الاستصحابات المثبتة للتكاليف.
ولكن يندفع هذا التوهّم : بعد الالتفات إلى أنّه على تقدير الانسداد ، وعدم حجّية الظّن الحاصل من الاخبار ، أو غيرها من الأمارات ، يصير أغلب الموارد مجاري قاعدة الاحتياط ، ولو مع الغضّ عن العلم الإجمالي الكلّي المقتضي لوجوب الاحتياط في الجميع ، لأنّ لنا علوما جزئيّة في مثل الصلاة والصوم والمعاملات وسائر العبادات أنّ فيها شرائط وأجزاء غير معلومة ، ومقتضاها الاحتياط في خصوص أطرافها ، بل يكفي في لزوم الخروج رعاية الاحتياط في خصوص الأجزاء وشرائط العبادات ، كما هي بعض مجاريه عند بعض ، ولو على تقدير عدم كونها من أطراف العلم الإجمالي ، وما ترى من أنّا نلزم بالاحتياط عند الشّك في تلك الموارد ، ولا يكون حرجا ، فمنشؤه الاقتصار على الاحتياط فيما عدا مورد الامارات ، كما لا يخفى على المتأمّل.
إن قلت : فعلى هذا قلّما يوجد للاصول النافية للتكليف مورد ، فإنّ لنا أن نلاحظ كلّ واقعة مشكوكة الحكم كشرب التتن مثلا مع بعض الوقائع الأخر ، بحيث يحصل لنا العلم الإجمالي بمخالفة الأصل فيها للواقع ، فيصير حينئذ مورد الاحتياط ، ولو مع الغضّ عن العلم الإجمالي الكلّي ، فكيف يستقيم ما إدّعاه من أنّ العمل بالاصول النافية ، عند ملاحظة الوقائع في حدّ ذاتها ـ مع قطع النظر عن العلم الإجمالي الكلّي ـ مستلزم للمخالفة القطعية الكثيرة؟
قلت : ليس كلّ علم إجمالي مؤثرا في تنجيز التكليف بالاحتياط ، فإنّ مثل هذه العلوم الجزئية كثيرا ما ليس جميع أطرافها مورد ابتلاء المكلّف.
والحاصل : إنّ مجاري الاصول العدمية أيضا ـ بعد الإغماض عن العلم الإجمالي الكلّي ، خصوصا الاستصحابات النافية للتكليف ـ فوق حدّ الإحصاء ، كما لا يخفى على المتأمّل.