الثاني : أن يكون الأحكام الظاهرية في حدّ ذاتها مشتملة على مصلحة غالبة على مفسدة فوت الواقع أحيانا ، كما لو كان تصديق العادل ، أو الأخذ بالحالة السابقة ، أو الترخيص في المشكوكات ، والتوسعة على المكلّف في حدّ ذاته راجحا ، لكن لا في كلّ مورد مورد بحيث يكون الحرام الذي أخبر العادل بوجوبه ، مصلحة فعله بلحاظ جهة المعارضة له ، أقوى من تركه ، حتّى يلزمه التصويب ، بل بلحاظ كون نفس تصديق العادل ، على سبيل الإطلاق ، مصلحته أقوى من مفسدة مخالفة الواقع ، في صورة التخلّف ، ففي خصوص مورد المخالفة ليست مصلحته قابلة لمزاحمة مفسدته الذاتية ، لكن لو لوحظ هذا العنوان من حيث هو ، فهو شيء فيه خير كثير وشرّ قليل بلحاظ موارد التخلّف ، فيجوز الأمر به.
الثالث : أن لا يكون فيها في حدّ ذاتها مصلحة ، ولكن في ترك جعلها مرجعا وطريقا للمكلّف ، وإلزامه بإحراز الأحكام الواقعية بالاحتياط ، أو غيره من الطرق العلمية ، مفسدة غالبة على مفسدة مخالفة الواقع ، ككونه حرجا أو موجبا لحرمان المكلّف عن بعض الفيوضات التي لا يمكن إحرازها مع تحصيل العلم بالأحكام الواقعية ، والاحتياط في موارد الشبهة.
الرابع : أن لا يكون فيها في حدّ ذاتها مصلحة ، ولا في ترك جعلها طريقا مفسدة ، ولكن إصابتها للواقع أكثر من خطائها ، فحينئذ يجوز الأمر بسلوكها ، لكون خيرها أكثر من شرّها ، ولكن عند انسداد باب العلم وتعذّر الاحتياط.
ولتمام الكلام فيما يتوجّه على هذه الوجوه من النقض والإبرام مقام آخر ، وقد تقدّم بعض الكلام في ذلك في أوائل مبحث حجّية الظّن ، فراجع.
واعلم أنّ المناقشة في عبارة المصنّف بما ذكر هي التي سنحت بخاطري سابقا ، ولكن يتوجّه عليه أنّ تقييد موضوع أحد المتعارضين بحال الشّك ، ليس كتقييده بسائر القيود في عدم الجدوى به في رفع المعارضة ، ما لم يتقيّد موضع الآخر بما عدا