العلم الإجمالي أثر ، نظير ما لو علم إجمالا بوقوع قطرة بول في أحد إناءين ، ثمّ شهدت البيّنة بكون أحدهما المعيّن بولا ، وكان واجب الاجتناب من أوّل الأمر ، فانّه بعد شهادة البيّنة بذلك يرتفع أثر العلم الإجمالي ، ويبقى أصالة الطهارة في الآخر سليمة عن المعارض.
نعم ، لو كان مؤدّى البيّنة نجاسته بالفعل ، من دون أن يكشف عن كونه نجسا حال حصول العلم الإجمالي ، حتّى يستكشف بها عدم كون العلم الإجمالي مؤثّرا في تنجيز الخطاب حين حدوثه ، لا يجدي ذلك في إلغاء أثر العلم الإجمالي ، وانّما المجدي ما لو ثبت نجاسته من قبل بسبب البيّنة ، لا مطلق نجاسته بالفعل ، ولا ريب أنّ مؤدّيات الأمارات الشرعيّة ثبوت متعلّقاتها من صدر الشريعة ، فيستكشف بها كون متعلّقاتها واجب الاجتناب من أوّل الأمر ، فتكون حينئذ بمنزلة ما لو اطّلع عليها تفصيلا قبل حدوث علمه الإجمالي ، كما لا يخفى على المتأمّل ، وسيأتي له مزيد توضيح إن شاء الله تعالى.
قوله قدسسره : الثاني : مقتضى الأدلّة المتقدّمة ... الخ (١).
أقول : إن اريد من الإباحة التي يقتضيها الأدلّة المتقدّمة ، فانه يعمّ معذورية المكلّف ، وقبح عقابه فهو.
وإن اريد منها الرّخصة في الفعل التي هي من الأحكام الخمسة ، فيكون مشتبه الحكم موضوعا واقعيّا محكوما بحكم شرعي ، فأكثر الأدلّة المتقدّمة ، كحكم العقل ، وبعض تقريرات الاجماع ، وبعض الأخبار والآيات قاصرة عن إثباتها ، كما لا يخفى على المتأمّل.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢١٦ سطر ٧ ، ٢ / ٩٩.