قوله قدسسره : يجب بمقتضى قوله تعالى : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ونحوه (١).
أقول : وجه الحاجة إلى الاستدلال بالآية الشريفة في مثل المقام ، مع كون مضمونها من المستقلّات العقلية ، دفع ما قد يتوهّم من عدم استقلال العقل بوجوب الاجتناب عمّا عدا ما علم حرمته تفصيلا ، ولا يتمشّى هذا النحو من التوهّم في الآية الشريفة ، حيث أنّ مفادها وجوب الاجتناب عن جميع المحرّمات الواقعيّة ، وبعد أن علم هذا الخطاب تفصيلا ، يجب الخروج عن عهدته بالانتهاء عن جميع ما نهى الله تعالى عنه في الواقع ، لقاعدة الاستيعاب.
قوله قدسسره : أوّلا منع تعلّق تكليف غير القادر ... الخ (٢).
أقول : مرجع ما ذكره على الظاهر إلى ما نقله عن صاحب «الفصول» قدسسره مقدّمة لإثبات حجّية الظّن بالطريق دون الواقع ، عدا أنّ صاحب «الفصول» قال : إنّ مرجع القطعين إلى القطع بأنّ تكليفنا بالفعل هو العمل بمؤدّيات الطرق ، والمصنّف رحمهالله جعله أخصّ من هذا حيث قال «فهو مكلّف بالواقع بحسب تأدية هذه الطرق ، لا بالواقع من حيث هو ، ولا بمؤدّى هذه الطرق من حيث هو ... الخ» (٣).
وكيف كان ، فهذا الجواب ليس بمرضي لديه على الظاهر ، كما يظهر وجهه ممّا سبق ، فالحقّ في الجواب ما ذكره ثانيا.
وتوضيحه : إنّ الظّن التفصيلي وإن لم يكن موجبا لانحلال العلم الإجمالي ، إلّا أنّه رافع لأثره ، فإذا علم اجمالا بعدة محرّمات مثلا في الشريعة بين المشتبهات ، ثمّ دلّت الأدلّة على حرمة عدّة أشياء لا تنقص عن عدد ما علم إجمالا ، لم يبق لذلك
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢١٢ سطر ٢٢ ، ٢ / ٨٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢١٣ سطر ١٦ ، ٢ / ٨٩.
(٣) فرائد الأصول : ص ٢١٣ سطر ١٦ ، ٢ / ٨٩.