بالموافقة بالاحتياط ، أو المعرفة التفصيلية مفسدة منافية لما تعلّق به غرض الشارع من التوسعة والتسهيل ، وغير ذلك ممّا يقتضيه اللطف والامتنان ، فيترك المكلّف أحد المالين للودعي في المثال ، ويترك أحد الإناءين ـ المعلوم كون أحدهما خمرا ـ لاحتمال كونه هو ذلك الحرام المعلوم بالإجمال ، ويرتكب ما عداه برجاء أن لا يكون ذلك الحرام فيكون المتروك إمّا هو ذلك الحرام ، فيخرج بتركه عن عهدة التكليف في الواقع ، وامّا لا ، فيقع بدلا عنه في مقام عمله ، في كونه مبرئا لذمّته على ذلك التكليف ، بعد أن علم أنّ الشارع اكتفى في الخروج عنه بالموافقة الاحتمالية ، وليس شيء من هذين الأمرين ـ أي الأمر بسلوك طريق ظنّي ، أو قاعده تعبّدية لتشخيص الواقع ، أو الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية ـ منافيا لحرمة ذلك الشيء في الواقع ومطلوبية تركه ، بل يؤكّدها ، وإلّا لم يكن يوجب الموافقة الاحتمالية الحاصلة بترك أحد الإناءين ، أو الظنّية الحاصلة بسلوك الطريق ، فنصب الطريق لتشخيص الحرام ، أو الالزام بترك بعض أطراف الشبهة لاحتمال كونه هو ذلك الحرام ، ليس منافيا لحرمة ذلك الشيء في الواقع من حيث هو ، بل هو من آثار كونه كذلك ، وعدم اختصاص حرمته بصورة العلم التفصيلي ، غاية ما يلزم في المقام أنّه يجب أن يكون في رضا الشارع بالموافقة الاحتمالية ، أو سلوك الطريق الظنّي ، مصلحة يتدارك بها مفسدة فوت ما تعلّق به غرضه من التكاليف ، عند مخالفة الاحتمال للواقع ، وخطأ الطريق أحيانا ، والمفروض حصولها ، فليس في أمر الشارع بسلوك طريق ظنّي المستلزم لأمره بمخالفة الواقع ، في مقام عمله عند خطأ الطريق ، ولا في رضاه بالموافقة الاحتمالية المستلزم بالرخصة في المخالفة عند الخطأ ، منافاة ومناقضة لحكمه الواقعي ، كي يستلزم ذلك نسخ ذلك الحكم ، ولا منافاة لحكم العقل بوجوب الإطاعة ، فانّه وإن استقلّ العقل بعد إحراز حرمة شيء أو وجوبه بوجوب الإطاعة أو الخروج عن عهدة التكليف المحرز ، من غير فرق بين كونه محرزا بعلم تفصيلي أو