الشّك في ذلك ، فمقتضى القاعدة وجوب الاحتياط ، للجهل بصلاحية الجهل يكون ما يرتكبه حراما عذرا في ارتكابه على تقدير حرمته ، فيجب التجنّب عنه تحرّزا عن العقاب المحتمل.
اللهمّ إلّا أن يقال ، إنّ إطلاقات أدلّة الاصول حاكمة على الأصل ، فانّ عدم شمولها لما هو مورد ابتلائه ، مع كونه في حدّ ذاته شيئا مشكوك الحرمة ، مبني على صلاحية الطرف الآخر للممانعة ، بأن يكون هو أيضا في حدّ ذاته شيئا مشكوك الحكم مشمولا للإطلاقات لو لا المعارضة ، وكونه كذلك موقوف على أن يكون ذلك الطرف أيضا في مورد ابتلائه ، بحيث يصحّ أن يتوجّه عليه خطاب منجز ، بالأمر بترتيب أثر الحلية والطهارة عليه في مقام عمله ، كما هو معنى إجراء الأصول ، وهذا المعنى غير محرز في المقام بالنسبة إلى ما يشكّ في كونه في موارد الابتلاء ، وما لم يحرز ذلك لا يصلح مانعا عن إعمال الأصل في الطرف الآخر ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : إلّا أن يقال إنّ المستفاد من صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة ... الخ (١).
أقول : استفادة الضابط المذكور من الصحيحة موقوفة على انحصار محملها فيما ذكر وهو ممنوع ، بل ظاهر السؤال الواقع في الصحيحة أنّه لم يعلم إلّا اصابة نفس الإناء ، وحيث أنّ وصول شيء من تلك القطع إلى الإناء لا ينفكّ غالبا عن إصابة الماء أيضا ، تحيّر السائل في حكمه ، وأجابه الإمام عليهالسلام بنفي البأس ما لم يظهر شيء من الدم في الماء ، وهذا الجواب بحسب الظاهر جار مجرى العادة ، من عدم حصول العلم بإصابة الماء في مثل الفرض ، إلّا بظهور الدّم فيه ، لأنّ ما عداه من الامارات كإصابة
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥٢ سطر ١٧ ، ٢ / ٢٣٨.