الإناء ، أو تفرّق أجزاء الدم ، أو تموّج الماء لا يورث غالبا إلّا الظّن بالإصابة لا القطع ، وبهذا ظهر لك ضعف الاستشهاد بهذه الصحيحة لمذهب الشيخ.
كما أنّه بما أشرنا إليه من أنّ إصابة الإناء أمارة ظنّية لإصابة الماء ، ظهر أيضا اندفاع ما قد يقال من أنّ عدم المناسبة بين اصابة الإناء ، والسؤال عن حكم الماء ـ خصوصا من مثل علي بن جعفر ـ قرينة على أنّ المراد امّا إصابة خصوص الماء ، فينطبق على مذهب الشيخ ، أو الأعمّ منه ومن الماء فيصير دليلا على جواز ارتكاب الشبهة المحصورة ، إذا كانت أطرافها من قبيل الماء ، وظهر الإناء في خروج بعضها عن مورد الابتلاء الفعلي ، وحيث تبيّن في محلّه ضعف ما ذهب إليه الشيخ يتعيّن المعنى الثاني ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : بناء على أنّ الاجتناب عن النجس ، يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط (١).
أقول : يعني أنّ المراد بالاجتناب عن النجس ، هو التباعد عنه على وجه لا يستعمل نفسه ، ولا ما يلاقيه في مطعوم أو مشروب ونحوه ، فعلى هذا لو اشتبه النجس في إناءين ولاقى ثوبه أحدهما ، وجب الاجتناب عن ثوبه أيضا ، إذ على تقدير أن يكون النجس ذلك الإناء الذي لاقاه الثوب ، لا يحصل الاجتناب عنه ما لم يجتنب عن ملاقيه ، فمتى علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين ، فقد تنجّز في حقّه التكليف بالاجتناب عن ذلك النجس ، ولا يحصل الاجتناب عنه ـ على تقدير كونه هذا الاناء الذي لاقاه الثوب ـ إلّا بالاجتناب عنه وعن الثوب جميعا ، ولا يجدي حينئذ أصالة عدم ملاقاة الثوب للنجس الواقعي ، فيجب حينئذ من باب الاحتياط
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥٢ سطر ٢٤ ، ٢ / ٢٣٩.