الباحثة عمّا لو اشتبه الواجب بغير الحرام ، وستعرف أنّ الحكم فيه وجوب الاحتياط ، وخروج بعض الأطراف عن مورد الابتلاء فعلا ، ممّا لا أثر له في تلك المسألة.
وامّا شبهة عدم تنجّز التكليف بالواجبات المشروطة ـ التي منها التكاليف المؤقتة ، إلّا بعد تحقّق شرائطها وحضور أوقاتها ـ فلا يعقل وجوب الاحتياط في مثل الفرض ، حيث أنّه فرع تنجّز التكليف بالواجبات ، فهي شبهة سارية غير مخصوصة بالمقام ، ضرورة عدم الفرق من هذه الجهة بين المقدّمات العلمية ، والمقدّمات الوجوديّة التي لا يتمكّن من فعلها إلّا قبل تنجّز تلك التكاليف ، كالمسير إلى الحجّ والغسل لصوم الغد ، وغير ذلك ممّا لا يحصى ، وقد اتّضح حلها في محلّه.
قوله قدسسره : لعدم جريان استصحاب الطهر (١).
أقول : وجهه واضح فانّها تعلم حينئذ بأنّها إمّا بالفعل حائض ، أو أنّها حاضت قبل هذه الأيّام ، فلا يبقى معه مجال لاستصحاب الطهارة ، حيث أنّها علمت إجمالا بانتقاضها في هذا الشهر وحدوث نقيضها.
لا يقال : فعلى هذا يجب الرجوع إلى استصحاب الحيض؟
لأنّا نقول : هذا أي استصحاب ضد الحالة السابقة أحد الأقوال في مسألة من تيقّن حدثا وطهارة ، وشكّ في المتأخّر منهما ، وستعرف في مبحث الاستصحاب ضعفه ، وأنّ الأقوى هو الرجوع إلى سائر الأصول الجارية في المقام ، فهي بعد أن علمت على سبيل الإجمال بعروض حالة حيضها في هذا الشهر ، وكونها فيما عدا أيّام حيضها طاهرة ، تندرج في موضوع تلك المسألة ، كما سيتّضح حالها إن شاء الله في ذلك المبحث.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥٦ سطر ٦ ، ٢ / ٢٤٩.