بالمعنى الأوّل.
نعم قد ثبتت المضارّة بهذا المعنى في الشريعة أحيانا كما في القصاص ، لأخصّية دليله من دليل نفي الضرر.
قوله قدسسره : ويحتمل أن يراد من النفي النهي ... الخ (١).
أقول : يعني يحتمل أن يكون قوله عليهالسلام : «لا ضرر» مثل ما لو قال «لا بيع وقت النداء» إلّا أنّ ما نحن فيه يغاير المثال في أنّ الحرمة فيه تكليفي محض ، بخلاف ما نحن فيه فانّه مستتبع للوضع ، نظير ما لو قال «لا تصرف فيما يشترى بالخمر» مريدا به النهي. وحيث أنّ الحرمة فيه مسبّبة عن بقاء المبيع في ملك مالكه ، فهذا النهي قريب من النفي في المعنى ، بل راجع إليه ، كما أنّ النفي أيضا يستتبع النهي إذا كانت الحرمة من آثاره ، فتدبّر.
قوله قدسسره : ثمّ إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات ... الخ (٢).
أقول : لا ينبغي التأمّل في تقديم القاعدة على العمومات المثبتة للتكاليف ، وتخصيصها بغير موارد الضّرر ، لسوقها في مقام الامتثال وضرب القاعدة الموجب لقوّة ظهورها في العموم ، واعتضادها بما هو المغروس في العقل من أنّ الله تعالى لا يريد حكما ضرريا ، ولذا يتردّد المكلّف ـ ولو لم يلتفت ، أو يعلم بحديث نفي الضرر ـ في ثبوت التكاليف عند مصادفتها للضّرر ، فهذا الأمر الذهني يؤيّد ظهور «لا ضرر» ويوهن عموم سائر الأدلّة ، كما هو ظاهر ، ويكفي في تقديمها على سائر الأدلّة سياق الأخبار الواردة ، المستدلّ فيها بلا ضرر لرفع اليد عمّا يقتضيه
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣١٥ سطر ١ ، ٢ / ٤٦١.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣١٥ سطر ٥ ، ٢ / ٤٦٢.