شرعا إلى أن يحصل له اليقين بخلافه ، فهو كغيره من الأحكام الشرعية ، مثل حرمة الخمر ، والغفلة عنه مانعة عن تنجّزه لا عن أصل توجّهه ، فعلى هذا يصحّ صلاة من تيقّن بالطهارة ، وذهل عن طهارته السابقة ، ودخل في صلاته ولم يلتفت إليها وإلى استصحابها حال الصلاة ، فيجوز الاقتداء به ، وإن علم المأموم بغفلته عن طهارته ، وهذا بخلاف ما لو قلنا باعتبار الشكّ الفعلي في جريانه ، فيشكل الاقتداء به في الفرض ، واستصحاب نفس المأموم لا يجدي في إثبات صحّة صلاة الإمام ، بعد علمه بأنّه ليس له طريق شرعي لإحراز طهارته.
نعم ، للإمام أصل الصحّة بعد فراغه من صلاته ، ولكنّه لا يجدي في جواز الاقتداء به كما هو ظاهر.
فتحصّل ممّا ذكرنا : إنّه لا فرق في جريان الاستصحاب وعدمه ، بين ما لو التفت قبل الصلاة إلى حدثه السابق وشكّ ثمّ غفل ودخل في الصلاة ، أو لم يلتفت أصلا وصلّى غافلا ، لأنّا إن اعتبرنا الشكّ الفعلي لم يجر الاستصحاب في شيء من الموردين ، وإن بنينا على كفاية الشكّ التقديري يجري في كليهما.
نعم ، بينهما فرق من حيث جريان أصل الصحّة وعدمه ـ كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله ـ لا لسبق الآمر بالطهارة في الصورة الاولى ـ كما قد يتوهّم ـ بل لانصراف أدلّتها عمّا لو شكّ قبل الصلاة وصلّى ذاهلا ، واختصاصها بما إذا حدث الشكّ بعد الصلاة ، والله العالم.
قوله قدسسره : نعم ، هذا الشكّ اللّاحق يوجب الإعادة ... الخ (١).
أقول : لو قلنا باعتبار الشكّ الفعلي في جريان الاستصحاب ـ كما هو
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٢ سطر ١ ، ٣ / ٢٥.