الشرعي هو الباعث على الفوز بتلك المصالح والمفاسد.
إذا عرفت معنى اللّطف ، ظهر لك معنى قولهم «إنّ اللّطف على الله تعالى واجب» إذ المراد منه أنّه يجب عليه تعالى أن يرشد العباد إلى مصالحهم ومفاسدهم ، بأمر مولوي يوجب الفرار عن مخالفته الفوز بالمقامات العالية.
وما توهّمه بعض في معنى الواجب العقلي ، وأورد على العلماء بالتناقض في مقالتهم ، حيث يحكمون بحجّية العقل ويقولون «إنّ العقاب بلا لطف قبيح» نشأ من الغفلة عن فهم المراد ، فتدبّر.
وامّا كونه ممّا يتوصّل به إلى الحكم الشرعي ، فوجهه واضح بعد العلم بأنّ الله تعالى لا يأمر بالقبيح ولا ينهى عن الحسن ، بل يأمر بالحسن وينهى عن القبيح ، على ما هو مذهب العدلية ، ويقتضيه اللّطف ، كما تحقّق في محلّه.
قوله قدسسره : نظرا إلى أنّ الأحكام العقليّة كلّها مبيّنة مفصّلة ... إلخ (١).
أقول : أورد عليه :
«بأنّ الإنصاف إنّه قد يستقلّ العقل بقبح عنوان أو حسنه إجمالا ، مع عجزه عن التمييز بين ما له المدخلية ممّا هو عليه من الخصوصيات في الحكم بهما ، وما ليس له ذلك ، وهذا يظهر من مراجعة الوجدان ، فعلى هذا لو شكّ في الزمان الثاني بعد تبدّل بعض الخصوصيّات ، يجوز استصحاب الحكم الشرعي الذي استتبعه الحكم العقلي ، بعد البناء على المسامحة العرفية في إحراز الموضوع ، فتبدّل بعض الخصوصيات مانع عن إجراء الاستصحاب ، بناء على اعتبار الرجوع في تشخيص الموضوع إلى العقل لا إلى العرف ، كما أنّه مانع عن بقاء الحكم العقلي في زمان الشكّ» انتهى ملخّصا.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٥ سطر ٢ ، ٣ / ٣٧.