حقيقة ، وإنّما هو اسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.
وامّا الرجوع إلى العرف في تشخيص الموضوع في المستصحب ، وإلغاء بعض القيود التي يحتمل مدخليتها فيه بحكمه إنّما هو فيما إذا لم يعلم عنوان الموضوع مفصّلا ،
وامّا إذا علم ذلك مفصلا ، فلا اعتداد بمسامحة أهل العرف بحمل الحكم على الموضوع المعرّى عن هذا العنوان ، بل العرف أيضا لا يسامحون بعد اطلاعهم على أنّ الوصف الزائل ممّا أخذ عنوانا للموضوع ، فتأمّل.
إن قلت : سلّمنا أن عنوان الموضوع في الأحكام العقلية ما هو مناط الحكم ، إلّا أنّ لنا أن نقول في المثال السابق مثلا ـ قبل أن يعرض الشكّ في حكمه ـ إنّ هذا الصدق مضرّ ، وكلّ مضرّ قبيح ، فهذا الصدق قبيح ، وكلّ قبيح حرام ، فينتج أنّ هذا الصدق حرام. ومن المعلوم أن الموضوع في النتيجة هو ذات الصدق بعنوان كونه صدقا ، لا بعنوان آخر.
قلت : هذه مغالطة صرفة لا يخفى وجهه على المتأمّل ، وكيف لا وإلّا لجرى هذا القياس في جميع المصاديق المندرجة تحت المفاهيم الكلّية ، التي لها أحكام شرعية ، فنقول مثلا «هذا الجسم كلب ، وكلّ كلب نجس ، فهذا الجسم نجس» ثمّ نستصحب النجاسة بعد انقلابه ملحا ، لأنّ الموضوع باق على هذا الفرض ، وهو بديهي الفساد ، ضرورة أنّ الوسط واسطة في الثبوت ، فلا يجوز إلغائه.
قوله قدسسره : فإن قلت : على القول بكون الأحكام الشرعيّة ... الخ (١).
أقول : حاصل الإيراد إنّه يشكل ـ بناء على ما ذكرت ـ إجراء الاستصحاب في مطلق الأحكام الشرعية على مذهب العدلية ، من كونها تابعة للمصالح والمفاسد ،
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٥ سطر ١٢ ، ٣ / ٣٩.