غرضه إلّا ببيان الحكم في بعض المصاديق ، أو بعنوان أعمّ ، لإمكان أن يؤدّي غرضه بذلك.
والحاصل : إنّه لا يجب أن يعبّر عن الموضوع في مقام التعبير بالعنوان الذي هو موضوع في الحكم العقلي ومناط للحكم واقعا ، وهذا بخلاف الحكم العقلي ، حيث أنّه لا طرق للعقل إلى تشخيص الموضوع إلّا بهذا العنوان الذي أدرك حكمه ، وليس له لسان حتّى يأخذ بعض العناوين الملازمة له موضوعا لحكمه ، مثلا إذا حكم الشارع بحرمة الخمر لكونه مسكرا فقد جعل عنوان الحرمة موضوعا لحكمه ، مع كونه أعمّ من وجه من المناط الذي هو عنوان للموضوع الواقعي ، فلو شكّ في بقاء حرمتها للشك في بقاء وصف الإسكار ، يصحّ أن يقال إنّ هذا الخمر كان حراما في السابق ، والآن شكّ في بقاء حرمتها فيستصحب. ولكن التغاير بين المناط وعنوان الموضوع في العقليات غير معقول ، فلا يصحّ الاستصحاب فيها ، ولا في الشرعيات المستكشفة بها ، امّا في العقليات فواضح ، وامّا في الشرعيّات فلأنّه لا يستكشف الحكم الشرعي من الحكم العقلي إلّا للموضوع الذي أدرك العقل حكمه ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : نعم لو علم مناط هذا الحكم وعنوانه المعلّق عليه في حكم العقل ... الخ (١).
أقول : حاصل مراده ـ على ما يشهد به التأمّل في مجموع كلامه ، خصوصا تعريفه الذي سيذكره فيما بعد ـ إنّه لو علم أنّ مناط هذا الحكم الشرعي وعنوانه ـ يعني موضوعه ـ هو الشيء الذي علّق عليه الحكم في حكم العقل ، يعني لو علم اتحاد
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٥ سطر ١٩ ، ٣ / ٣٩.