الموضوع والمناط في حكم الشرع والعقل ـ كما في الشرعيّات المستكشفة من حكم العقل ـ لم يجز فيه الاستصحاب.
ولكنّك خبير بما في العبارة من القصور والإجمال ، فإنّ ظاهرها منع جريان الاستصحاب فيما لو علم مناط حكم العقل وموضوعه تفصيلا مطلقا ، وهو غير مقصود بحسب الظاهر ، وإلّا لا يلتئم أجزاء العبارة بعضها مع بعض.
وكيف كان ، فالتحقيق ما عرفت فيما تقدّم من أنّ ملازمة جريان الاستصحاب بقاء موضوع الحكم الشرعي عرفا ، وهذا إنّما يتحقّق فيما إذا كان بين المناطين وعنوان الموضوع مغايرة بالنظر إلى ظواهر الأدلّة وحكم العرف ، سواء علم بالمناط تفصيلا كما لو قال «قال الشارع حرّمت الخمر» وعلم أنّ علّته الإسكار ، فشكّ في بقاء حرمته لأجل الشكّ في بقاء مناطها أو لم يعلم.
نعم ، لو علّق الحكم على ما هو الموضوع في الحكم العقلي ، لم يجر فيه الاستصحاب ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : وامّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقلية ... الخ (١).
أقول : توضيح المقام أنّ لكلّ واحد من الاعدام عللا متعدّدة بعدد أجزاء علّة الوجود وشرائطه ، التي منها عدم الموانع ، لأنّ فقد كلّ شرط أو جزء ممّا اعتبر في علّة الوجود علّة تامة لانتفاء ذلك الشيء ، فهذه العلل قد توارد على مورد ، وقد لا يوجد منها إلّا بعضها ، فهذا البعض إن كان من قبيل الأعذار العقلية الموجبة لقبح التكليف ، وكان السبب منحصرا فيه ، كعدم وجوب الصّلاة على الغافل الواجد لشرائط التكليف ـ ما عدا عدم الالتفات ـ وكعدم وجوب إزالة النجاسة عن
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٥ سطر ٢٣ ، ٣ / ٤٠.