المسجد على من يضيق عليه وقت الحاضرة ، التي هي أهم ، فعند ارتفاع القضية العقلية امتنع جريان الاستصحاب فيها ، كما عرفت.
وأمّا إذا لم ينحصر سببه في القبح العقلي ، كالتكاليف المنتفية في حال الصّغر ، فلا مانع عن جريان الاستصحاب فيها ، لا بمعنى استصحاب العدم الخاص الذي كان العقل حاكما به ، بل مطلق العدم الذي استقلّ العقل به في بعض أحواله ، فلا يتطرّق إليه الخدشة بتبديل الموضوع.
والفرق بين العدم الخاص ـ المسبّب عن عدم تمييزه الثابت لموضوع غير المميّز ـ وبين مطلق العدم ـ المسبّب عن فقد المقتضى الثابت له في حال عدم تمييزه من حيث هو ، لا من حيث كونه غير مميّز ـ إنّما هو بمجرّد الاعتبار الناشئ من إضافته إلى سبب خاص ، إذ لا تمايز في الاعدام من حيث هي ، فاستصحاب البراءة الأصلية والعدم الأزلي بعينه استصحاب حال يصحّ استناده إلى القضية العقلية في بعض أحواله ، فلا ضير في تسميته استصحاب حال العقل ، وهذا بخلاف ما لو كان المستصحب وجوديّا ، كما لو استقل العقل مثلا بوجوب ردّ الأمانات إلى أهلها على المستودع الغير المتضرّر بردّها ، وثبت بدليل آخر ـ من غير جهة العقل ـ وجوب الردّ عليه من غير أخذ عنوان غير المتضرّر قيدا في الموضوع كالآية ، فبعد ارتفاع القضية العقلية ، وصيرورة الردّ مشكوك الوجوب بواسطة التضرّر ، أمكن إجراء استصحاب الحكم الشرعي المستفاد من الكتاب ، ولكنّه ليس استصحابا للحال الذي كان العقل حاكما به في حال عدم التضرّر ، لأنّ الحال الذي أدركه العقل هو الوجوب الخاص العارض لموضوع غير المتضرّر ، وهو غير الوجوب المحمول على ذات الشخص المستفاد من الآية الشريفة ، وامتياز كلّ منهما عن الآخر حقيقي لا اعتباري ، فهما مباينان بالذّات ، فلا يصحّ جعله من استصحاب حال العقل كأصالة البراءة والعدم الأزلي ، فليتأمّل.