اعتباره من باب الظنّ كما هو التحقيق ، وامّا إن قلنا بأنّ اعتباره من حيث إفادته للظنّ ، فينوب مناب العلم كالاستصحاب ، بل يندرج على هذا التقدير في الامارات وان لم نسمّه باسمها اصطلاحا ، كما هو واضح.
بقي هنا إشكال وهو أنّ مقتضى ما ذكرنا من عدم معقولية نصب الطريق بالنسبة إلى ما لا أثر لمتعلّقه شرعا ، امتناع قيام الطرق المجعولة مقام العلم ، فيما أخذ العلم جزء للموضوع ولو بعنوان الطريقية ، ضرورة خلوّ المتعلّق عن الحكم على هذا التقدير ، فلا يعقل عموم دليل النصب لهذا المورد ، حتّى يصير المتعلّق بسببه ذا الطريق ، فكيف يثبت له الحكم الثابت لموضوع قام عليه طريق؟!
وبعبارة اخرى : الحكم المترتّب على الطريق باعتبار كونه جزء للموضوع ، لا يعقل أن يكون مقوّما لطريقية الطريق الذي هو جزء موضوعه ، لكونه دورا ظاهرا.
ويمكن التفصّي عنه ـ مضافا إلى ما سيذكره المصنّف جوابا عن نظير الإشكال في طيّ الاستدلال على حجّية خبر العادل ـ بأنّ ما ذكرنا من عدم المعقولية إنّما هو فيما إذا لم يكن له مدخلية في الأحكام الشرعية أصلا ، وامّا إذا كان له مدخلية في حكم شرعي كان جزء من موضوعه فلا ، وكيف لا وله على هذا التقدير حكم شرعي تقديري كسائر الأحكام الشرعية التقديرية ، فلا فرق بين ما لو حكم الشارع بنجاسة العصير على تقدير غليانه ، أو على تقدير ثبوته ، في كون كلّ منهما حكما شرعيا ثابتا لموضوع العصير ، فكما لا قصور فيما دلّ على حجّية البيّنة بلحاظ الحكم الأوّل ، فكذا بالنسبة إلى الثاني ، لكن التقدير الذي جعله الشارع شرطا لتنجّز الحكم ، يتحقّق في الثاني بنفس قيام الطريق ، وما ذكرنا من أنّ مرجع الأمر بتصديق العادل ، وعدم الاعتناء باحتمال كذبه ، إلى إيجاب ترتيب آثار المخبر عنه في مقام العمل ، فليس المقصود به رجوعه إلى ما يستظهر من عبارته حتّى يدّعي