سياق أكثرها عن التعبّد.
بل كيف يمكن دعوى أنّ الإمام عليهالسلام أراد من هذه الأخبار المستفيضة المعمول بها عند الأصحاب معنى لم يتناوله أيدي عقول الفحول من صدر الشريعة إلى زمان صاحب الفصول ، وهو أنّ هذه الأخبار الكثيرة بأسرها مسوقة لبيان وجوب ترتيب الآثار الشرعية ، المجعولة للمستصحبات أوّلا وبالذات ، لا بواسطة أمر عقلي أو عادي ، كيف ولو حملناها على التعبّد المحض لما صحّ لنا دعوى ظهور قوله عليهالسلام «اليقين لا ينقضه الشكّ» في إرادة الجنس من لفظ «اليقين» و «الشكّ» حتّى تدلّ على حجّية الاستصحاب ، لأنّ سبق ذكر «اليقين» و «الشكّ» في الأخبار المعلّلة من قرائن العهد ، فلا يبقى معه ظهور في إرادة الجنس.
وامّا الظهور الذي تجده من نفسك ، من عدم مدخلية خصوصية المورد في الحكم ، فليس منشائه إلّا ما هو المغروس في ذهنك من المناسبة بين الحكم وموضوعه. وامّا لو أغمض عن ذلك ونزّل الحكم على التعبّد ، فليس حاله إلّا حال ما لو علّله باليقين بأمر أجنبي تعبّدا ، في أنّه لا يتخطّى عن مورده ، كما لا يخفى.
فالإنصاف أنّه لو لم يحصل لنا الوثوق من بناء العقلاء على أنّه لا يجوز رفع اليد عن الأمر الثابت ، بمجرّد احتمال ما يزيله ، فلا بدّ من أن يجعل هذه الأخبار المستفيضة كاشفة عن بنائهم ، وإمضاء لطريقتهم ، لما عرفت من تعذّر تنزيلها على التعبّد ، خصوصا بعد ملاحظة شيوع القول بحجّية الاستصحاب في الجملة بين العامة والخاصّة قديما وحديثا ، بل عدم القول بإنكاره مطلقا حتّى في العدميات أو ندرته ، فكيف يمكن في مثل هذا المورد تنزيل مثل هذه الأخبار على التعبّد المحض ، مع أنّ اعتماد جلّ القائلين بحجّيته ـ بل كلّهم ، إلّا من شذ وندر من جماعة من متأخّري المتأخّرين ـ ليس إلّا على بناء العقلاء.
ولا يضرّنا توهّم من توهّم منهم أن بنائهم من باب الظنّ ، فانّ الخطأ في تعيين