المفروض أنّ الذهن لشدّة اقتضاء المقتضي أو خفاء الواسطة لا يلتفت أوّلا وبالذات إلّا إلى احتمال وجود المانع لا إلى نفسه ، فلا يعتدّ بالشكّ ، بل يمضي على يقينه التقديري ، ولا ينقضه بالشكّ أبدا ، ولعلّ كون هذا المعنى الذي أوضحناه مغروسا في ذهن المصنّف رحمهالله وغيره ممّن قال بحجّية الاستصحاب من باب الأخبار ، هو الذي دعاهم إلى نفي حجّية الاصول المثبتة ، إلّا فيما إذا كانت الواسطة خفيّة ، وإلّا فسيجيء الإشكال في هذا التفصيل بناء على اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد.
ولقد أطلنا الكلام في المقام لكونه حقيقا بالاهتمام ، حيث أنّ المسألة من امّهات الفروع ومعضلات الاصول ، والله الهادي.
قوله قدسسره : والذي نختاره ... الخ (١).
أقول : مرجع هذا الاستدلال إلى ما حقّقناه فيما تقدّم من أنّ الشكّ لا يعتدّ به في حال من حالاته ، فلا بدّ أوّلا من إحراز أنّ عقد النكاح يوجب حلّ الوطي مطلقا ، فإذا أحرز هذا المعنى بالنظر إلى دليله ، ووقع عقد في الخارج ، لا يجوز رفع اليد عن أثره الذي هو عبارة عن الحلية المطلقة ، إلّا بما يعلم بأنّه يؤثّر في زواله ، لا ما يشكّ فيه. وقوله قدسسره في ذيل كلامه : «نظر إلى وقوع المقتضى» يعني وقوع ما يؤثر في حلّ الوطي مطلقا ، لا المقتضي بالمعنى المصطلح ، حتّى يكون اتكاله على قاعدة المقتضي والمانع ، فتدبّر.
قوله قدسسره : لا يقال إنّ المقتضي هو العقد ولم يثبت أنّه باق ... الخ (٢).
أقول : الظاهر أنّ مراده بالعقد هو العلقة الحاصلة بين الزوجين ، المقتضية لحل
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٢٨ سطر ٢١ ، ٣ / ٥٢.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٢٨ سطر ٢٤ ، ٣ / ٥٢.