وامّا ما تراه فيما نحن فيه من انسباق الذهن من التعليل إلى أنّ العلّة هي نفس اليقين بوجوده في السابق من حيث هو ، من غير مدخلية لخصوصية متعلّقه ، فمنشؤه المناسبات الخارجية المغروسة في الذهن ، الموجبة لاستنباط المناط ، لا الدلالة اللفظية ، فلا عبرة بها ما لم توجب القطع بالمناط.
نعم ، ربّما يكون مثل هذه المناسبات موجبة لظهور اللام في اليقين للجنس كما سنشير إليه ، فالشأن في المقام إنّما هو في إثبات هذا كي يندرج في الدلالة اللفظية ، حتّى يتمّ الاستشهاد بظاهر الرواية لعموم المدّعى ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : ولكن الإنصاف أنّ الكلام مع ذلك لا يخلو عن ظهور (١).
أقول : يعني مع هذه الاحتمالات التي تقدّمت الإشارة إليها ، ووجه الظهور أظهرية الاحتمال الأوّل وهو كون جملة «فانّه على يقين ... الخ» علّة قائمة مقام الجزاء ، إذ على هذا التقدير يكون احتمال إرادة الجنس من اليقين أقوى من احتمال إرادة العهد ، لأنّه على الثاني يستلزم التعبّد بالعلّية ، وهو بعيد عن مساق التعليل ، بخلاف الأوّل فانّ إثبات الحكم في الزمان الثاني لأجل وجوده في الزمان الأوّل أمر مغروس في الذهن ، مأنوس لدى العقلاء في الجملة ، ولذا ترى العلماء يعتبرون الاستصحاب من باب بناء العقلاء.
وكيف كان ، فعدم تقييد اليقين بالوضوء وإرادة الجنس منه في الكبرى ، أظهر في مقام التعليل ، وأقرب إلى الذهن من مدخلية الوضوء في ذلك ، مع أنّه لا يدرك العقل خصوصيّته ، فتدبّر.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٣٠ سطر ٩ ، ٣ / ٥٧.